الانتخابات الرئاسية في الجزائر.. تحشيد من أجل تبون وعراقيل أمام “المنافسين”

في الوقت الذي انضمت كتلة جديدة من نواب الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري إلى داعمي الرئيس عبد المجيد تبون لولاية رئاسية ثانية، لا يزال يشتكي مرشحو أحزاب أخرى خارج الأغلبية من عدم القدرة على جمع التوقيعات اللازمة للتقدم بترشيحهم، بسبب ما يصفونها بتعقيدات هذه العملية البيروقراطية في البلديات.

ووفق ما كان متوقعا، فإن استمرار تبون في منصبه مجرد تحصيل حاصل، وسيلعب “المنافسون” دور كومبارس فقط، حيث بات الرئيس يحظى بدعم الأغلبية الساحقة من نواب غرفتي البرلمان، بعد التحاق كتلة الأحرار، وهم النواب المستقلون والممثلون عادة للمجتمع المدني، بقافلة مساندة ترشحه للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في شتنبر المقبل.

 

ودعت المجموعة البرلمانية للنواب الأحرار، في بيان، الرئيس إلى الترشح لعهدة ثانية لاستكمال مسار الجزائر الجديدة، معتبرين أنه حقق التعهدات الأربع والخمسين التي قطعها أمام الشعب.

 

وقالت الكتلة إنها تدعوه “باسم المنتخبين الأحرار بغرفتي البرلمان والمجالس الشعبية الولائية والبلدية”، إلى الترشح بالنظر لما قالت إنها “القدرات القيادية لرئيس الجمهورية ورؤيته الحكيمة التي ساهمت في تحقيق العديد من الإنجازات خلال الفترة السابقة لبلادنا وقناعة منا بأنه الشخص الأنسب لقيادة البلاد وبأن استمراره لعهدة رئاسية ثانية سيعزز الاستقرار والتنمية وسيسهم في تحقيق المزيد من التقدم والازدهار للشعب”. وعبّر المنتخبون الأحرار بالمناسبة عن “استعدادهم الكامل لإنجاح الانتخابات الرئاسية”، داعين الشعب بكل مكوناته إلى “المشاركة القوية في هذا الاستحقاق الهام، تعزيزا للاستقرار السياسي والمؤسساتي لبلادنا”.

 

وبموازاة ذلك، شهدت مراسم اختتام الدورة البرلمانية في الجزائر تلميحات مباشرة من رئيسي غرفتي البرلمان لدعم الرئيس عبد المجيد تبون، علما أنهما ينتميان إلى الأغلبية الرئاسية. وشدد إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، في هذا الصدد على “الانخراط جميعا في العمل على إنجاح محطة الانتخابات القادمة، التي ستعزز صرح البناء الديمقراطي الذي عزم الشعب الجزائري على تثبيته وتقويته”.

 

وفي ظل هذه التعبئة القوية التي تسبق إعلان ترشح الرئيس تبون في الأيام القليلة المقبلة، تبدو على الطرف الآخر الشخصيات التي ستنافسه على كرسي الرئاسية في وضع صعب، قياسا إلى عدم قدرتها على جمع التوقيعات اللازمة للترشح، بسبب ما تقول إلى الإشكالات البيروقراطية والإجراءات الثقيلة المفروضة على المواطنين لمنح توقيعاتهم للمرشحين.

 

وراسلت مرشحة حزب العمال لويزة حنون، للمرة الثانية في ظرف 10 أيام، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات للإشارة إلى ما قالت إنها “التجاوزات والعراقيل التي لا تعد ولا تحصى والتي تعرقل بشكل خطير عملية التصديق على استمارات الترشح، مما يعجز المناضلين والمواطنين الذين يواجهون أوضاعا غير مقبولة على مستوى مكاتب البلديات، مع وجود مشاكل لا يمكن حلها في هذه الظروف”، والتي تثبت حسب حزب العمال، “عدم التحضير الجيد للعملية على جميع المستويات من طرف السلطات المكلفة بالمسار الانتخابي بعد أن تم مراسلة الهيئة مرتين وتنبيه السلطات إلى العواقب السياسية الناتجة عن هذا التسيير الفوضوي للموعد الانتخابي الهام جدا”.

 

وتحدثت حنون وهي شخصية يسارية معروفة في الجزائر عن تعطل مستمر في منصة الخدمات الإلكترونية للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ما أدى إلى عدم تسجيل العديد من المواطنين في القوائم الانتخابية في الآجال المحددة وعدم تمكن آخرين من استخراج رقم تسجيلهم في القوائم الانتخابية.

 

كما سجلت حنون تعطلا مستمرا لشبكة الإنترانت (intranet) وبطء اشتغالها في غالب الولايات، ما يؤدي إلى طول انتظار الموقعين للتصديق على استمارات اكتتاب توقيعاتهم عدة ساعات، وفي حالات أخرى يُلزمون على العودة في يوم آخر، دون أن تقوم المصالح المعنية باستلام الاستمارات والوثائق اللازمة حتى يتم المصادقة عليها في وقت لاحق عند اشتغال الشبكة للتخفيف على المواطن ولكسب الوقت.

 

وذكرت المرشحة أنه من بين أسباب بطء عملية المصادقة التي لوحظت في العديد من الحالات عدم تكوين الموظفين القائمين على العملية. كما سجلت “عدم تسخير الموارد المادية البشرية للقيام بعملية التصديق في عديد من ملحقات البلديات رغم أنها مدرجة في قائمة الملحقات المسخّرة للعملية”. وأضافت أنه “رغم الإعلان عن تمديد ساعات التصديق إلى غاية الساعة العاشرة ليلا، تغلق أبواب الملحقات والبلديات بساعات عديدة قبل هذا الأجل (السابعة مساء)”.

 

ووفق قانون الانتخابات، يستلزم على المرشحين الحاليين حتى يدخلوا السباق النهائي للرئاسيات، تقديم قائمة تتضمن 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس شعبية بلدية أو ولائية أو برلمانية على الأقل، موزعة على 29 ولاية على الأقل، أو قائمة تتضمن 50 ألف توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية ويجب أن تجمع عبر 29 ولاية على الأقل، على ألا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1200 توقيع.

 

ويبدو أقصر طريق حاليا للمرشحين هو جمع 600 توقيع من المنتخبين في ظل اقتراب موعد نهاية إيداع الملفات، لكن الأحزاب التي تملك أكبر قدر من هؤلاء، مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، فرضت حظرا على منتخبيها في أن يمنحوا توقيعاتهم لغير الرئيس عبد المجيد تبون، في وقت تنادت بعض الأحزاب لأن يكون تضامن وتبادل للتوقيعات، حتى يتسنى لأكبر قدر من المرشحين الجادين خوض غمار الانتخابات الرئاسية.

ووفق آخر الإحصائيات، يوجد حاليا 31 راغبا في الترشح، قاموا، إلى غاية يوم الأحد، بسحب استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية. ويتم دفع الاستمارات من قبل الراغبين في الترشح عبر 4903 نقاط للتصديق موزعة عبر الوطن، في حين ستستمر دراسة الملفات من قبل السلطة المستقلة للانتخابات إلى غاية 27 يوليوز الجاري، تاريخ الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين الذين سترفع ملفاتهم إلى المحكمة الدستورية للبت فيها بصفة نهائية.