تبون يعترف لأول مرة بالجذور التاريخية لسيادة المغرب على الصحراء

لم يكن حديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن “عدم التخلي عن الصحراء الغربية”، على حد توصيفه، ودعوته مرة أخرى لتنظيم استفتاء “تقرير المصير”، الأمر الجديد في كلمته يوم أمام الولاة بالجزائر العاصمة، أمرا جديدا، فمضامين هذا الكلام كان يرددها دائما أمام وسائل الإعلام بصيغ مختلفة، لكن المثير للانتباه في كلامه هذه المرة كان هو دعوته لطي صفحة القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي كانت فيها الصحراء تحت السيادة المغربية قبل دخول الاستعمار الإسباني.

وقال تبون بالنسبة للصحراء الغربية، نحن لن تخلى عنها”، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ”الحق في تقرير المصير”، حيث سيصوت الصحراويين على ما إذا كانوا يريدون أن يكونوا “مغاربة أو موريتانيين”، مع التأكيد على أنهم “لن يكونوا جزائريين”، قبل أن يضيف “القرن التاسع عشر طويناه، تطوى خلاص، باستقلال الجزائر كل ما كان متبقيا من القرن التاسع عشر طوي نهائيا”، وتابع “اليوم نحن في مرحلة تقرير مصير الشعوب والجزائر ناضلت، الصحراء الغربية قضية مبدئية”.

 

ولم يعطي تبون تفسيرا واضحا لاختياره القرن التاسع عشر تحديدا، حيث مر إلى الحديث عن أن دعوة بلاده لـ”تقرير المصير في الصحراء” هي الوحيدة التي لم تمر بسلاسة، وتحول بلده بسببه إلى عدو، في حين أن الملف “موجود حاليا في الأمم المتحدة لدى لجنة تصفية الاستعمار وليس في لجنة المساعدات الغذائية”، لكن ما لم يقله تبون هو أن القرن الذي أشار إليه كان الفترة التي سبقت دخول الاستعمار الإسباني إلى الصحراء عندما كانت جزءا من الدولة المغربية.

 

ويمثل هذا الكلام اعترافا ضمنيا غير مسبوق من تبون بانتماء الصحراء تاريخيا إلى المغرب، كما يبين الطريقة التي ينظر بها النظام الجزائري إلى هذا الملف، في ارتباط بدعوته إلى الالتزام بالحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو ما مكن بلاده من الحصول على الصحراء الشرقية المغربية التي تضم ولايتي تندوف وبشار، والتي اقتطعتها فرنسا من أراضي المملكة قبل استقلالها سنة 1956، وهو المنطلق نفسه الذي تستند عليه بلاده لاعتبار سبتة ومليلية مدينتان إسبانيتان.

 

وتنسف العودة إلى التاريخ الأطروحة الجزائرية التي تنفي وجود أي روابط بين السلطة المركزية المغربية وبين الصحراء، إذ جرى ضم المنطقة إلى الدولة المغربية بشكل نهائي في القرن السادس عشر في فترة حكم السعديين، بعد صراع مع الإسبان على حصونها وسواحلها ومواقعها الاستراتيجية، وكانت جزءا من الدولة العلوية بعد أن فرض جيش المولى إسماعيل سيطرته عليها، وبقيت تدين بالولاء إلى السلطان المغربي إلى غاية أواخر سنة 1884، حيث احتلتها إسبانيا وأصبحت تسمى “الصحراء الإسبانية”.

 

ومن خلال دعوته إلى فصل الصحراء عن واقعها الذي كانت عليه إلى حدود القرن التاسع عشر، يؤكد تبون ما ظل المغرب يدافع عنه دائما، وهو أن المنطقة تاريخيا جزء من أراضيه، علما أن محكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي قرارها الاستشاري الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 1975، أكدت وجود روابط بيعة بين شيوخ القبائل الصحراوية والسلاطين المغاربة، وهو ما دفع الحسن الثاني إلى تنظيم المسيرة الخضراء في 6 نونبر من العام نفسه.

 

وأصبح هذا الطرح المغربي يلقى قبولا متزايدا في العديد من دول العالم، ففي الوقت الذي افتتحت فيه بلدان إفريقية وعربية وأخرى من أمريكا الجنوبية والوسطى، قنصليات لها بالفعل بمدينتي العيون والداخلة اعترافا بالسيادة المغربية على المنطقة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف منذ أواخر سنة 2020 بمغربية الصحراء، في حين تدعم دول أوروبية، مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال وبلجيكا وهولندا واللوكسمبورغ ورومانيا والتشيك وسلوفاكيا والمجر وبولندا وقبرص، مقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.

 

الصحيفة – حمزة المتيوي