بادرت الجزائر إلى رفع شكاية لدى محكمة التحكيم الرياضي (الطاس) والاتحاد الإفريقي لكرة القدم، في خطوة تعكس توترا سياسيا واضحا اكثر مما تعكس خلافا قانونيا حقيقيا، وذلك على خلفية اعتماد المغرب لخارطة المملكة كاملة، بما فيها الاقاليم الجنوبية، ضمن وثيقة رسمية موجهة للراغبين في دخول التراب المغربي.
هذا التحرك، الذي جرى تقديمه في قالب رياضي وقانوني، سرعان ما فقد وجاهته امام منطق السيادة، لان ما قام به المغرب لا يخرج عن كونه تجسيدا لمعطى دستوري وقانوني راسخ. فالصحراء تشكل جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني، وتخضع لتدبير مؤسسات منتخبة، وتستفيد من برامج تنموية كبرى، كما تحضر ضمن جميع الوثائق الرسمية للدولة دون اي استثناء.
والمغرب، بصفته دولة ذات سيادة كاملة ومعترف بها دوليا، غير مطالب بتقديم مبررات حول استعمال خارطته الوطنية داخل اجراءاته الادارية. وحدته الترابية مسألة محسومة دستوريا، كما ان عددا متزايدا من الخرائط المعتمدة دوليا، بما فيها تلك المتداولة داخل مؤسسات اممية ودول وازنة، تعكس هذا الواقع، خاصة في ظل الدعم الدولي المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها حلا واقعيا وذا مصداقية.
وما يثير الانتباه في هذا المسار هو اقحام هيئات رياضية يفترض فيها الالتزام بالحياد، داخل نزاع سياسي صرف. فمحكمة التحكيم الرياضي والاتحاد الافريقي لكرة القدم ليستا جهتين مختصتين في قضايا السيادة او النزاعات الترابية، بل مؤسستان تعنيان بتدبير المنافسات الرياضية والسهر على احترام قوانينها، لا بتعديل الخرائط او مناقشة الدساتير.
ويبدو ان هذا التصعيد يندرج ضمن نهج متكرر لتسييس الرياضة، كلما برز الحضور المغربي قاريا او دوليا، سواء من خلال التنظيم او النتائج او المقاربة الدبلوماسية الرياضية التي باتت تحظى بتقدير واسع.
في المقابل، يواصل المغرب تعاطيه بثبات وهدوء، مستندا الى شرعية تاريخية وقانونية، ومدعوما بزخم دولي متصاعد تجسد في فتح قنصليات بعدد من مدن الصحراء، وفي مواقف رسمية تؤكد ان مرحلة التشكيك قد اصبحت من الماضي.
اما الاعتراض الجزائري، فلن يتجاوز كونه محاولة ضغط اعلامي محدودة الاثر، سرعان ما تتلاشى امام قواعد القانون الدولي وحقائق الميدان، حيث تثبت السيادة بالفعل والممارسة، لا بالبيانات والطعون.
