تشهد الساحة الدبلوماسية في منطقة شمال إفريقيا حركة غير مسبوقة، بعد إعلان الولايات المتحدة عن مبادرة تهدف إلى تحقيق اختراق سياسي بين الرباط والجزائر خلال مهلة لا تتجاوز الستين يوماً، يقودها المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف. هذه الخطوة، حسب تقرير مشترك لمؤسستَي كونراد أديناور الألمانية ومؤسسة الحوكمة والسيادة العالمية (GGSF)، تمثل تحولاً نوعياً في تعامل واشنطن مع نزاع الصحراء المغربية، من مسار تفاوضي أممي تقليدي إلى دبلوماسية مباشرة وعالية المخاطر.
ويؤكد التقرير أن هذه المبادرة الأمريكية تضع الجزائر وجبهة البوليساريو أمام مأزق استراتيجي، إذ يعتمد الطرفان على الدينامية الجزائرية لدعم الجبهة، بينما يمكن للضغط الأمريكي دفعهما للمشاركة الفعلية أو مواجهة عزلة دولية متزايدة، في ظل احتمال تصنيف الجبهة كتنظيم إرهابي مستقبلاً.
على الجهة المقابلة، يظهر المغرب في موقف تفاوضي قوي، مدعوماً بمبادرة الحكم الذاتي التي حظيت بإجماع دولي متنامٍ، وهو ما تؤكده القرارات الأممية الأخيرة مثل القرار 2797، الذي يوضح أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل الإطار المعترف به دولياً للحل. التقرير يعتبر هذه المبادرة المغربية فرصة تاريخية لتحويل النزاع الطويل إلى مسار تفاوضي موحد، يعزز مكانة المغرب إقليمياً ودولياً.
رغم هذه الفرصة، يلفت التقرير إلى أن نجاح المسار الدبلوماسي الأمريكي مرتبط بشكل مباشر باستعداد الأطراف الأخرى للانخراط بجدية، وليس الاقتصار على حسابات قصيرة المدى. ويؤكد الخبراء أن المرحلة الحالية تشكل منعطفاً حاسماً، حيث أصبح الحكم الذاتي المغربي المرجعية العملية الوحيدة القادرة على تحقيق استقرار دائم في المنطقة، فيما أي تجاهل لهذا الخيار قد يحمل عواقب سياسية ودبلوماسية سلبية على المدى الطويل.
