تثير خطة مراجعة قوانين الانتخابات المرتقبة نقاشًا واسعًا حول موضوع التقطيع الانتخابي، الذي يعد من أبرز الملفات الحساسة في النظام السياسي المغربي، ويؤثر بشكل مباشر على التمثيل البرلماني وتوزيع المقاعد بين الجهات والأقاليم. وتأتي هذه المراجعة في ظل مطالب متزايدة من مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين بتطوير آليات التمثيل الانتخابي لضمان مزيد من العدالة والشفافية، وتعزيز تكافؤ الفرص بين مختلف المناطق، خاصة الفئات والمناطق التي طالما شعرت بالتهميش أو التفاوت في التمثيل.
ويعتبر التقطيع الانتخابي أداة رئيسية في تحديد حدود الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المخصصة لكل دائرة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على نتائج الانتخابات ومجمل التوازنات السياسية داخل البرلمان. ولهذا، فإن أي تعديل على هذا التقطيع يثير جدلاً حول مدى حياده، وإمكانية استخدامه لأغراض سياسية أو انتخابية، ويطرح النقاش أيضًا إشكالية المعايير التي يجب أن يستند إليها التقطيع، بين المعايير الجغرافية، الديموغرافية والاقتصادية، وكذلك مراعاة التوازن بين المناطق الحضرية والريفية، وتوفير تمثيل ملائم للفئات الاجتماعية المختلفة.
وفي هذا السياق، دعا المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى ضرورة إحداث «رجة سياسية» تهدف إلى تعزيز الثقة في المؤسسات والعمل السياسي، وذلك في إطار تهيئة مناخ إيجابي للاستحقاقات الانتخابية المقبلة لسنة 2026. وكشف الحزب أنه يضع حاليًا اللمسات النهائية على مذكرة سياسية شاملة تضم مقترحات «عملية لإثراء المحاور السبعة التي طرحتها وزارة الداخلية للنقاش، والتي تتناول تحيين اللوائح الانتخابية، تخليق العملية الانتخابية، تحفيز المشاركة، تطوير الدعم العمومي، تعزيز تمثيلية النساء، بالإضافة إلى تطوير آليات التواصل والجدولة الزمنية للانتخابات».
ويعتزم الحزب اقتراح إصلاحات إضافية تشمل مراجعة الإطارات المشرفة على الانتخابات، تكييف التقطيع الانتخابي بما يتناسب مع نتائج الإحصاء العام للسكان لسنة 2024، ضمان شفافية عملية الاقتراع وتنظيم الحملات الانتخابية وتفعيل مشاركة مغاربة العالم بشكل مباشر، فضلاً عن الاستفادة من إمكانات التواصل الرقمي والتقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي.
ومن بين المقترحات المطروحة، هناك دعوات لاستخدام تقنيات حديثة وبيانات محدثة لتحديد الدوائر الانتخابية بشكل أكثر دقة، فضلاً عن إشراك لجان مستقلة تضم خبراء وممثلين عن المجتمع المدني لضمان الشفافية والمصداقية، فيما يظل هذا الموضوع محل متابعة من قبل الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الحقوقية، التي ترى أن مراجعة قوانين الانتخابات يجب أن تكون فرصة لإرساء أسس تمثيلية عادلة تعكس التنوع الاجتماعي والجهوي للمغرب، وتساهم في تعزيز الديمقراطية ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية بشكل فعّال.
