في مشهد يتكرر كل صيف، يُستقبل مغاربة العالم العائدون عبر ميناء بني أنصار بإقليم الناظور بمظاهر تفتيشية صارمة ورادارات مراقبة السرعة المنصوبة على طول الطريق بين الميناء ومدينة الناظور. مشهد أثار سخط عدد من أفراد الجالية، الذين اعتبروا أن “أول ما يواجهون به على أرض الوطن ليس الترحاب، بل الغرامات المالية”.
ورغم أن هذه الرادارات موجهة قانونيا للحد من الحوادث وحماية الأرواح، إلا أن طريقة نصبها وتوظيفها تطرح علامات استفهام جدية. فبحسب عدد من الشهادات، يتم في كثير من الحالات تثبيت الرادارات بطرق غير قانونية، حيث يلاحظ أن بعض عناصر الأمن أو الدرك يحملون الجهاز باليد، عوض تثبيته على القاعدة الثلاثية المخصصة له، ما قد يؤثر على دقة الرصد ويجعل نتائج السرعة غير دقيقة.
ولم يتوقف الجدل عند هذا الحد، إذ تشير مصادر مطلعة إلى أن بعض الرادارات تُنصب دون وضع علامات تشوير تنبيهية تُخبر السائقين بوجود مراقبة سرعة، وهو ما يخالف المقتضيات التنظيمية التي تنص على ضرورة إعلام مستعملي الطريق بمكان وجود الرادار.
وتعالت الأصوات المنتقدة أيضا لما وصفوه بـ”انتفاء عنصر المعاينة”، حيث تُسجل المخالفة في نقطة معينة، بينما يتم إيقاف السائق على بعد كبير منها، مما يثير شكوكا حول مدى احترام الإجراءات القانونية الواجب اتباعها عند تسجيل مثل هذه المخالفات.
أبناء الجالية الذين يصلون محملين بالحنين والأمل، يجدون أنفسهم أمام غرامات تفرض عليهم في أول كيلومترات يقطعونها على التراب الوطني، رغم أنهم لم يتسن لهم بعد حتى صرف عملتهم الصعبة. وهو ما يراه الكثيرون سلوكا غير لائق في حق فئة تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني عبر التحويلات السنوية والإنفاق الصيفي.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه الجالية تحسين ظروف الاستقبال والتيسير الإداري واللوجستي، تأتي مثل هذه الممارسات لتنسف الشعور بالانتماء وتعكر صفو العودة، وتطرح من جديد سؤال التوازن بين تطبيق القانون واحترام كرامة المواطن، خصوصا حين يتعلق الأمر بمغتربين لم تطأ أقدامهم أرض الوطن منذ سنوات.
فهل تُراجع الجهات المعنية آليات المراقبة، وتعيد ترتيب أولوياتها بما يليق باستقبال مغاربة العالم؟ أم أن صيف الغرامات سيبقى قاعدة موسمية تعكس واقعا مراوغا في علاقة الدولة بمواطنيها المقيمين بالخارج؟
