بورتريه: أسامة همهام.. الحلم الذي اغتاله عسكر الجزائر

اغتال رصاص عناصر خفر السواحل الجزائرية حلم الشاب أسامة همهام، فحال ذلك دون تحقيقه طموح الوصول إلى الضفة الأوروبية، ورغم تمكنه من امتطاء قارب مطاطي سريع يُعرف بـ “فانطوم”، فقد انطلقت رحلته من شواطئ السعيدية، حيث امتزج الخوف بالأمل في لحظة فارقة، حمل فيها أسامة طموحه وتاريخه الرياضي وأحلامه فوق أمواج غير مضمونة، وبالرغم من سرعة القارب، لم تكن أسرع من الرصاص الذي قطع عليه المسافة الأخيرة، عندما دخل المياه الإقليمية الجزائرية.

من هو أسامة همهام؟
في جماعة تيزطوطين بإقليم الناظور، نشأ الشاب أسامة همهام، ابن الواحد والعشرين سنة، وسط واقع اجتماعي صعب، لكنه لم يكن يوما من أولئك الذين يستسلمون. فقد كان لاعبا في صفوف نادي آمال العروي، يحمل طموحا جامحا يتجاوز حدود الملعب، ويطمح إلى مستقبل أفضل على الضفة الأخرى من المتوسط.

 

وعلى الرغم من أن أسامة لم يكن مجرد مهاجر غير نظامي، إلا أنه كان شابا رياضيا عرفته مدينته بأخلاقه العالية وانضباطه. إذ أن سنوات من اللعب في ملاعب الهواة جعلته محبوبا في الأوساط الرياضية، لكنه كان يدرك أن الكرة وحدها لا تكفي لتغيير واقعه.

 

لهذا السبب، قرر ركوب قارب سريع من نوع “فانطوم”، انطلق من شواطئ السعيدية، رفقة مجموعة من الشباب، مستخدمين دواسات مائية للوصول إليه، في رحلة محفوفة بالمخاطر نحو أوروبا.

 

اغتيال حلم
غير أن رحلة الحلم لم تكتمل، إذ تحولت إلى مأساة حين دخل القارب المياه الإقليمية الجزائرية. حينها، أطلقت قوات البحرية الجزائرية النار على القارب، لتستقر رصاصات في جسد أسامة، وتحوله إلى جثة هامدة مجهولة.

 

ومن هنا، انتشر خبر وفاة أسامة كالنار في الهشيم، مما جعل الحزن يخيم على مدينتي العروي وتيزطوطين. في هذا السياق، نعاه ناديه السابق في بيان مؤثر، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بصوره وعبارات الرثاء. أما عائلته، التي كانت تترقب خبر وصوله إلى أوروبا، فتلقت بدلا منه خبر وفاته، لتعيش على وقع صدمة لا توصف.

 

ذاكرة الأحداث
وبناء على ذلك، لم يكن أسامة ضحية فقط، بل رمزا لحلم مغربي اصطدم بجدار الواقع القاسي. موته يعيد إلى الأذهان مآسي الهجرة غير النظامية، ويطرح تساؤلات حول قواعد الاشتباك في المناطق الحدودية البحرية، وضرورة احترام المعايير الإنسانية في التعامل مع المدنيين العزل.

 

ومن جهة أخرى، فإن مقتل الشاب أسامة همهام برصاص البحرية الجزائرية أعاد إلى الواجهة ذاكرة المغاربة المثقلة بحوادث مشابهة، أبرزها ما عرف إعلاميا بـ”جريمة السعيدية” سنة 2023، حين أطلق خفر السواحل الجزائري النار على ثلاثة شبان مغاربة يحملون الجنسية الفرنسية، كانوا على متن دراجات مائية (جيتسكي) تائهين في عرض البحر، بعد أن جرفتهم التيارات إلى المياه الإقليمية الجزائرية.