ليلٌ ثقيل قطع سكون حي الفتح بسيدي بنور، حين دوّى صراخ امرأة خارجة من بيتها حافية تطلب النجدة، معلنة بداية فاجعة لم يكن الجيران يتوقعونها. اندلع حريق في غرفة نوم متقاعد من معمل السكر، هرع الشبان لإطفائه بما توفر من وسائل، لكن ضخامة النيران استدعت حضور الوقاية المدنية مدعومة بعناصر الشرطة.
وبينما كانت ألسنة اللهب تلتهم الغرفة، رُصدت جثة متفحمة تعود للرجل السبعيني، كما صرّحت الزوجة، التي ادّعت أنه فاجأته النيران أثناء نومه، وأعقبت ذلك بانهيار بكائي بدا مشهدًا طبيعيًا في حينه.
غير أن روايتها لم تقنع المحققين، خاصة بعد إفادات جيران تحدثوا عن توتر دائم بين الزوجين. استدعيت الزوجة من جديد، هذه المرة لمرحلة تحقيق أكثر دقة، بدأت تنهار فيها جدران الكذب. ومع تصاعد الضغط، اعترفت بما لم يكن أحد يتصوره: قتلت زوجها عمدًا وسكبت عليه البنزين أثناء نومه، ثم أشعلت فيه النار وخرجت تتظاهر بالصدمة.
الحقيقة كانت صادمة: صراع زوجي طويل، عنف متبادل، وقرار انتقامي تم التخطيط له بهدوء. ادّعت أن زوجها كان مدمنًا على الخمر، يسيء معاملتها باستمرار، وأنها أخبرت السلطات بذلك مرارًا. في ليلة الجريمة، وبعد شجار عادي، سكبت عليه البنزين وأشعلت النار ببرود، ثم حاولت إخفاء معالم الجريمة بالصراخ والتمويه.
بعد اعترافاتها، أُعيد تمثيل الجريمة وسط حضور جماهيري غفير، وقدّمت أمام النيابة العامة صورًا توثق فعلتها. قاضي التحقيق أمر بإيداعها السجن، واستمع لها في أربع مناسبات قبل إحالتها على المحاكمة بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
لم تكن بحاجة لأكثر من جلستين، فكل الأدلة كانت ضدها، ورغم التماس دفاعها ظروف التخفيف، أصدرت المحكمة حكمًا بالإعدام، في واحدة من أبشع قضايا القتل الأسري التي عرفها الإقليم.
