شهدت بلدة توري باتشيكو بإقليم مورسيا الإسباني موجة غير مسبوقة من التوترات العنصرية، وجهت بشكل مباشر ضد أفراد الجالية المغربية، في أعقاب حادثة مشكوك في خلفياتها.
ومع تصاعد وتيرة التحريض عبر منصات التواصل الاجتماعي، بدا أن ما يجري يتجاوز مجرد رد فعل شعبي غاضب، ليتحول إلى أداة في يد تيار سياسي يستثمر في الخوف ويعبئ الجماهير على أساس العداء للأجانب.
حزب “فوكس” اليميني المتطرف المعروف بعدائه للمغرب، وفق ما أوردته صحيفة إسبانية، ظهر باعتباره المستفيد الأكبر من هذه الأحداث، بعدما وظفها لتقوية حضوره السياسي وتوسيع قاعدته الانتخابية.
الشرارة انطلقت من ادعاء رجل إسباني مسن أنه تعرض لاعتداء من طرف شاب “أجنبي”، قبل أن تنتشر رواية مضخمة للحادثة عبر فيديو مفبرك بثّ مسؤول محلي في “فوكس”، ربط فيه الجريمة بالمسلمين.
ورغم أن هذا المحتوى تم نفي صحته لاحقا، إلا أنه وجد طريقه بسرعة إلى عدد من المنصات المغلقة، خصوصا على تيليغرام، حيث انطلقت دعوات للتظاهر والانتقام، ما لبثت أن ترجمت إلى اعتداءات فعلية على مهاجرين مغاربة، شملت العنف الجسدي وتخريب ممتلكاتهم.
ما حدث لا يمكن فصله عن السياق السياسي، حيث استغل “فوكس” هذه التعبئة لتغذية خطابه القائم على معاداة الهجرة.
ووفقا لذات المعطيات، فإن شخصيات مؤثرة محسوبة على اليمين المتطرف كانت حاضرة في الميدان، تؤطر وتصور وتبث بشكل مباشر، مقدمة نفسها كبديل عن الإعلام الرسمي، ومؤسسة بذلك نوعا من الصحافة الموازية التي تشتغل بخلفيات أيديولوجية واضحة.
هذه التعبئة، وفق متابعين، لم تكن لتبلغ هذا المدى لولا الغطاء السياسي المباشر الذي وفره الحزب، مقابل غياب شبه تام للأحزاب التقليدية، التي فضلت الصمت أو الاكتفاء بردود باهتة.
استطلاع للرأي أنجزه مركز الدراسات الاجتماعية في إسبانيا بعد الأحداث، أظهر ارتفاعا في نوايا التصويت لحزب “فوكس” بـ5.7 نقاط خلال شهر واحد، ما يعزز فرضية أن الحزب استغل هذه اللحظة لصالحه انتخابيا.