في عملية أمنية منسقة وصفت بأنها واحدة من أضخم الضربات ضد شبكات تهريب المخدرات في أوروبا، أعلنت الشرطة الفيدرالية البلجيكية عن اعتقال سبعة أشخاص في بلجيكا، ضمن حملة دولية استهدفت منظمة إجرامية يُشتبه في تورطها في تهريب كميات هائلة من المخدرات إلى أوروبا، مستخدمة الأراضي البلجيكية كنقطة عبور رئيسية.
العملية التي نُفذت اليوم الثلاثاء الماضي، جاءت ثمرة تعاون وثيق بين الشرطة البلجيكية ونظيرتيها في هولندا والمملكة المتحدة، بدعم لوجستي واستخباراتي من وكالة التعاون الأوروبي “يوروبول”.
وقد أسفرت الحملة عن اعتقال 12 شخصًا في المجمل، ومصادرة أكثر من 600 كيلوغرام من المواد المخدرة المختلفة، إلى جانب مبالغ مالية ضخمة تجاوزت خمسة ملايين يورو.
البداية تعود إلى 7 سبتمبر 2024، عندما أوقفت شرطة المرور في فلاندرز الشرقية شاحنة ليتوانية كانت تُنقل فيها معدات بطريقة مريبة على الطريق السريع E17 في فاسمونستر.
وأثناء عملية التفتيش، تم العثور على 225 كيلوغرامًا من الكيتامين، وأكثر من 200 لتر من المواد الكيميائية التي تُستخدم في تصنيع المخدرات الاصطناعية. وجرى حينها توقيف أربعة أشخاص، قبل أن تأمر النيابة العامة بفتح تحقيق معمّق تولّته الشرطة القضائية الفيدرالية في المنطقة.
ومع توسع التحقيق، تكشّفت خيوط شبكة معقدة تنشط في نقل أنواع متعددة من المخدرات، بينها الكوكايين، والهيروين، والكيتامين، والكريستال ميث، و”الإكستاسي”، إضافة إلى مواد أولية تُستخدم في تصنيع هذه المواد داخل مختبرات سرية.
واعتمدت الشبكة على إخفاء شحناتها داخل شاحنات تجارية، وأحيانًا ضمن طرود بريدية اعتيادية.
وبيّنت التحريات أن المنظمة الإجرامية تستغل بنية النقل المتطورة في بلجيكا كنقطة ارتكاز لتوزيع المخدرات إلى مختلف أنحاء أوروبا.
وفي ظل تشابك الأبعاد الدولية للقضية، طلبت السلطات البلجيكية تدخل اليوروبول لتنسيق الجهود بين الدول المعنية. وتمكنت الأجهزة المختصة، من خلال عمليات تفتيش متزامنة جرت يوم الثلاثاء، من ضبط كميات إضافية من المواد المخدرة ومعدات التهريب، إلى جانب حجز أموال نقدية تقدّر بالملايين، ما يُعد مؤشرا على حجم التجارة غير المشروعة التي كانت تُديرها هذه الشبكة.
شملت عمليات التفتيش تسعة مواقع في بلجيكا، أبرزها في مدن جيتي، وأنتويرب، وجينك، وغراس-هولونيا، وهاسلت. أما على المستوى القضائي، فقد أصدر قاضي التحقيق في فلاندرز الشرقية أوامر توقيف بحق ستة من المشتبه بهم، وقرر وضع خمسة منهم رهن الحبس الاحتياطي في انتظار استكمال التحقيقات.
وتُظهر هذه العملية أن بلجيكا لا تزال تواجه تحديًا بالغ التعقيد في مكافحة شبكات الجريمة المنظمة التي تستغل موقعها الجغرافي كبوابة نحو السوق الأوروبية.
ورغم النجاحات الأمنية، تحذّر مصادر شرطية من أن المنظمات الإجرامية باتت تستخدم أساليب متطورة ومتنوعة للتخفي والتهريب، ما يتطلب مزيدًا من التعاون الأوروبي وتبادل المعلومات الاستخباراتية.