في خطوة تُعيد إلى الواجهة نقاشًا قانونيًا وسياسيًا شديد الحساسية، أعرب مركز العمل العلماني (CAL) اليوم الخميس عن قلقه العميق بشأن مشروع قانون جديد تُناقشه الحكومة الفيدرالية، يهدف إلى السماح بتفتيش المنازل في إطار تنفيذ أوامر ترحيل بحق الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني في بلجيكا.
وبحسب RTL يُتوقع أن يُطرح هذا المشروع بشكل رسمي على طاولة مجلس الوزراء خلال اجتماعه المرتقب يوم الجمعة، بدعم واضح من وزيرة اللجوء والهجرة أنيلين فان بوسويت.
المشروع الذي أثار عاصفة من الجدل السياسي والاجتماعي عند طرحه لأول مرة سنة 2018 في عهد حكومة شارل ميشيل، يطلّ مجددًا في نهاية الدورة البرلمانية الحالية، على نحوٍ قد يُحدث انقسامًا داخل التحالف الحكومي ويُثير تساؤلات جوهرية حول احترام الحقوق الفردية، خاصة الحق في الخصوصية وحرمة السكن.
وكان المشروع قد قوبل سابقًا برفض واسع من عشرات البلديات، ما أدى حينها إلى سحبه من التداول.
اليوم، يُعاد إدراجه استنادًا إلى ما ورد في اتفاق ائتلاف “أريزونا”، الذي يفتح الباب أمام إمكانية تنفيذ تفتيشات منزلية من قبل مكتب الهجرة، لكن بتفويض مسبق من قاضي تحقيق.
ويُبرّر المدافعون عن النص المقترح هذا التوجه بضرورة التصدي للأشخاص الذين يشكلون تهديدًا للنظام العام أو الأمن القومي، أو الذين صدرت بحقهم إدانات جنائية خطيرة.
غير أن مركز العمل العلماني يرى في هذه العودة “خطوة خطيرة نحو مجتمع التنديد والتجسس”، محذرًا من تداعيات هذا التشريع على الحريات الأساسية.
وفي تصريح لوكالة بلجا، قال الأمين العام للمركز، بينوا فان دير ميرشن: “لا يمكننا التضحية بحقوقنا الأساسية من أجل وهم أمني مؤقت. إن خصوصية الأفراد وحرمة منازلهم هي خط أحمر يجب ألا يُمسّ”.
واعتبر أن طرح هذا المشروع في توقيت يتزامن مع تشكيك رئيس الوزراء بارت دي ويفر في اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يزيد من خطورة التوجه الحكومي.
ويُثير المشروع تساؤلات عميقة أيضًا بشأن علاقته بسياسات الهجرة الأوروبية، خاصة أن بلجيكا تخضع لمعايير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي شددت مرارًا على ضرورة حماية الحياة الخاصة والمساكن من التدخلات المفرطة.
وفي هذا السياق، لا تُخفي منظمات المجتمع المدني قلقها من أن يُستغل هذا التشريع لإضفاء شرعية على ممارسات قد تُفضي إلى تعسف أو تمييز في تنفيذ القانون.
من جانبها، دعت منظمة العمل العلماني إلى “تحرك برلماني جماعي” لرفض المشروع، وحثّت على معالجة قضايا الهجرة بطريقة منظمة وإنسانية، لا تُفرّط في المبادئ الديمقراطية التي تُشكل أساس دولة القانون.
وأكدت أن مكافحة الهجرة غير الشرعية لا يجب أن تتم على حساب التضييق على الحريات، أو عبر تكريس مناخ من الشك والخوف داخل المجتمع.