في تطور يُنذر بتداعيات على عملية «مرحبا 2025»، التي تنظمها سنويا السلطات المغربية، بتنسيق مع نظيرتها الإسبانية، لتأمين عودة المهاجرين المغاربة إلى أرض الوطن عبر الموانئ، قرر مرشدو الملاحة بميناء الجزيرة الخضراء (Algeciras) الدخول في إضراب جماعي، احتجاجا على ما وصفوه بسوء التدبير الإداري وتردي ظروف العمل، مما قد يُربك حركة الملاحة في أحد أهم المعابر البحرية نحو المغرب.
ويأتي هذا القرار عقب تصويت 34 عاملا من أصل 47، من الطاقم العامل بأسطول التوجيه البحري وقسم الاتصالات، لصالح خوض إضرابات متتالية، سيتم الكشف عن تفاصيلها خلال الأيام المقبلة، بحسب ما أعلنته نقابة «المنسقية العامة لعمال موانئ الأندلس (TPA)»، فيما يُعد ميناء الجزيرة الخضراء أحد أكثر الموانئ الإسبانية نشاطا خلال موسم عبور الجالية المغربية المقيمة بالخارج، حيث يشكل نقطة ربط رئيسية بين الضفة الشمالية والجنوبية لمضيق جبل طارق، خصوصا نحو ميناء طنجة المتوسط.
ومع انطلاق عملية «مرحبا 2025»، التي يُتوقّع أن تشهد تنقل أكثر من مليون مغربي نحو أرض الوطن خلال أشهر الصيف، يلوح في الأفق خطر اضطرابات حقيقية في البرمجة الزمنية للرحلات البحرية، وارتفاع غير مسبوق في معدلات الانتظار، في حال تواصل الإضراب أو اتسع نطاقه ليشمل فئات مهنية أخرى داخل الميناء.
وأشارت النقابة الإسبانية إلى أن هذا التصعيد يأتي بعد سبعة أشهر من محاولات الحوار غير المثمرة، متهمة الإدارة بتقويض أجواء العمل، واعتماد «سياسات تهديد وتهميش»، وعدم الاعتراف بمجهودات العاملين في ضمان سلامة المناورات البحرية، سيما خلال الفترات التي تشهد ذروة النشاط، كعملية العبور الصيفية.
من جهته، قال خواكين ميّان، منسق نقابة (TPA) في الأندلس وسبتة ومليلية، إن توقيت هذا النزاع ليس من قبيل الصدفة، مبرزا أن «عملية عبور مضيق جبل طارق تعد فترة بالغة الأهمية، وتمس بشكل مباشر ملايين المسافرين، وأي اضطراب في الميناء ستكون له انعكاسات واسعة على مستوى حركة الركاب والبضائع»، بينما تسود حالة من الترقب والتوجس في أوساط الأسر المهاجرة، التي تعتمد بشكل كبير على الرحلات البحرية، انطلاقا من موانئ الجزيرة الخضراء وطريفة وموتريل وغيرها، للتنقل نحو التراب الوطني، في ظل ضغط كبير تعرفه حجوزات السفن، خلال شهري يوليوز وغشت.
وتُطرح تساؤلات في الأوساط المهنية والدبلوماسية حول مدى قدرة السلطات الإسبانية على احتواء هذه الأزمة سريعا، لتفادي إرباك أكبر عملية عبور بحرية تشهدها المنطقة سنويا، والتي تعد رمزا للروابط العائلية والثقافية والاقتصادية بين المغرب ومغاربة العالم، فيما يُنتظر أن تسارع سلطات الموانئ الإسبانية، بتنسيق مع وزارة النقل الإسبانية، إلى فتح قنوات التفاوض مع النقابة المعنية، للحيلولة دون تعثر سير عملية «مرحبا»، التي تم التحضير لها هذا العام وفق بروتوكولات أمنية ولوجستيكية دقيقة بين الرباط ومدريد، تشمل الجمارك، والشرطة، والخدمات الصحية والاجتماعية.