مهاجرون مغاربة بإسبانيا يطالبون بحل عاجل لأزمة رخص السياقة

خرج مئات المهاجرين المغاربة في وقفة احتجاجية حاشدة أمام مقر إدارة المرور الإقليمية بمدينة مورسيا الإسبانية، الثلاثاء الماضي، رافعين صوتهم ضد مأزق قانوني يحرمهم من حق أساسي ويكبدهم خسائر مادية فادحة.

ووفقا لمعطيات من أفراد الجالية المغربية بإسبانيا، فإن هذه الوقفة جاءت استجابة لنداء أطلقته عدة هيئات مدنية ونقابية فاعلة، من بينها “جمعية أصدقاء التشاور لقضايا المهاجرين”، “صوت المغاربة بفالينسيا”، “الجمعية الثقافية الترفيهية بالخينيت”، “جمعية إندماج ليريدا”، بالإضافة إلى “نقابة العمال بالميريا”.

 

وتكمن جذور الأزمة في رفض السلطات الإسبانية الاعتراف برخص السياقة المغربية التي يحصل عليها المهاجرون بعد تسوية وضعيتهم القانونية بإسبانيا، وهو ما يحول هذه الوثيقة الرسمية إلى مجرد حبر على ورق في الأراضي الإسبانية. هذا الرفض لا يعرقل حياتهم اليومية فحسب، بل يعرضهم لعقوبات زجرية قاسية، حيث تصل الغرامة المالية لكل من يتم ضبطه إلى 500 أورو، وهو مبلغ يثقل كاهل العديد من الأسر التي تعاني أصلا من ضغوط اقتصادية.

 

وفي اتصال ، روى مهاجر مغربي مقيم بمورسيا بحرقة حجم المعاناة قائلا: “نحن نتحدث عن أكثر من ألفي مواطن مغربي يعيشون جحيما يوميا. رجال الأمن يترصدوننا، وغرامة الـ 500 أورو أصبحت شبحا يطاردنا، مما يضاعف من أزمتنا الاقتصادية”. وأضاف أن هذا الوضع يمنعهم من تملك سيارة أو حتى استئجارها للتنقل مع عائلاتهم، ما يكبدهم مصاريف إضافية ويرهق جيوبهم.

 

من جهته، أكد مهاجر آخر في تصريح للجريدة أن “المضايقات الأمنية أصبحت لا تطاق، في ظل صمت الجهات المسؤولة عن التدخل لحل هذا المشكل الذي يؤرق بال الجميع”. وأشار إلى أن السلطات الإسبانية تتخذ من هذا الفراغ القانوني ذريعة لتصيد أخطاء المهاجرين، دون أن تلوح في الأفق أي مؤشرات إيجابية لحل الملف.

 

ووجه المحتجون نداء مباشرا وعاجلا للحكومة المغربية، وعلى رأسها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، للتدخل الفوري وفتح قنوات دبلوماسية جادة مع الجانب الإسباني لإيجاد حل ينهي معاناتهم.

 

وفي سياق متصل، دخلت جمعية العمال والمهاجرين المغاربة (ATIM) على خط أزمة رخص السياقة، مطالبة بحل عاجل للانسداد الذي يعاني منه ملف تبادل الرخص المغربية في إسبانيا في ظل توقف تفعيل الاتفاقية الثنائية لعام 2004.

 

وفي بيان رسمي، أكدت الجمعية ثقتها في القنوات الدبلوماسية لمعالجة القضية، مشيرة إلى الاهتمام البالغ الذي تبديه السفيرة المغربية، وهو ما يفسر قرارها بعدم المشاركة في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة مورسيا مؤخرا، معربة عن تفاؤلها بإيجاد حل نهائي بعد موسم الصيف لإعادة تفعيل آلية التبادل.

 

وتضمنت مطالب الجمعية خارطة طريق واضحة، تدعو إلى إعادة تفعيل عملية التبادل دون الحاجة لإعادة الاختبارات، وإصدار تعليمات إدارية ملزمة من مديرية المرور الإسبانية، مع إلغاء العقوبات التي فرضت على المواطنين. كما شددت (ATIM) على ضرورة تشكيل لجنة فنية ثنائية بمشاركة المجتمع المدني لضمان الشفافية، ورفضت بشدة الخطابات الإعلامية التي تشكك في صحة رخص السياقة المغربية، مؤكدة أن نظام منحها في المغرب يخضع لإجراءات صارمة تعادل أو تفوق المعايير الدولية.

 

وسلطت الجمعية الضوء على التناقض الصارخ والمجحف في السياسة الإسبانية، التي تسمح للسياح المغاربة بالقيادة برخصهم الوطنية، بينما تفرض غرامات قاسية تصل إلى 500 يورو على المقيمين المغاربة، معتبرة إياهم “سائقين بدون رخصة”.

 

وأكدت أن هذا الوضع يلحق أضرارا مادية جسيمة بالأسر التي تعتمد على التنقل في عملها بقطاعات النقل والزراعة، مختتمة بيانها بالتأكيد على أن الحل يتطلب تدخلا سياسيا وإداريا فوريا لإنهاء معاناة الجالية المغربية