رسمياً: 29 أكتوبر القادم موعد انتخابات مجلس النواب الهولندي

أعلنت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال الهولندية، يوديت أوترمارك، يوم الجمعة أن انتخابات مجلس النواب (الغرفة الثانية) ستُجرى يوم الأربعاء 29 أكتوبر المقبل، وذلك بعد سقوط حكومة سخوف مؤخرا. واعتبر مجلس الانتخابات الهولندي هذا التاريخ أول خيار عملي متاح لتنظيم الانتخابات المقبلة.

إطار دستوري وزمني معقد
يُذكر أن تنظيم انتخابات جديدة في هولندا يتطلب أولاً حل البرلمان القائم، وهو ما لا يحدث فورا بعد سقوط الحكومة، بل يستغرق عادة بعض الوقت. ووفقا للدستور، يجب إجراء الانتخابات خلال ثلاثة أشهر من حل البرلمان، بما يشمل كل مراحل العملية الانتخابية من التصويت إلى إعلان النتائج وتشكيل البرلمان الجديد.

 

وتُجرى الانتخابات الهولندية تقليديا يوم الأربعاء، تجنبا للعوائق الدينية والاجتماعية المرتبطة بأيام الجمعة والسبت والأحد، في حين يُستبعد يوم الاثنين نظرا لصعوبة إجراء التحضيرات خلال عطلة نهاية الأسبوع.

 

ومع تحديد موعد الانتخابات في أواخر أكتوبر، ستبقى البلاد تحت إدارة حكومة تصريف أعمال (حكومة تسيير الأعمال) لفترة قد تمتد أشهر بعد الانتخابات، حيث تبدأ بعدها مفاوضات تشكيل حكومة جديدة – وهي عملية قد تكون طويلة ومعقدة كما أثبتت التجارب السابقة، مثل حكومة روتّه الرابعة التي تطلبت 299 يوما لتشكيلها.

 

ما هي حكومة تسيير الأعمال؟
تشير تسمية “حكومة تسيير الأعمال” إلى حكومة مستقيلة تستمر في أداء مهامها بشكل محدود بعد سقوطها، دون تنفيذ سياسات جديدة. يُسمح لها بإدارة الشؤون الجارية، اتخاذ إجراءات ضرورية، وتقديم مشاريع قوانين، لكن لا يُسمح لها باتخاذ قرارات استراتيجية أو إطلاق إصلاحات جوهرية، وتبقى في موقعها إلى حين تشكيل حكومة جديدة منبثقة عن الانتخابات المقبلة.

 

تكاليف الانتخابات والتحديات اللوجستية
من جانبها، أعلنت جمعية البلديات الهولندية (VNG) أن موعد 29 أكتوبر يمنح البلديات وقتًا كافيًا للتحضير للعملية الانتخابية. كما أشارت إلى أن التكاليف التقديرية لتنظيم انتخابات مجلس النواب تبلغ نحو 105 ملايين يورو، وهو مبلغ قابل للتعديل بحسب عدد الناخبين المسجلين والتضخم المالي.

 

وسيُتيح هذا الجدول الزمني أيضًا للبلديات الشروع في التحضير المبكر لانتخابات المجالس المحلية المقررة في 18 مارس 2026، ما يُعد عنصرًا تنظيميًا مهمًا.

 

سقوط حكومة سخوف: أزمة اللجوء على الواجهة
جاء سقوط حكومة سخوف بعد فشل أحزاب الائتلاف الحاكم — وهي حزب الحرية (PVV)، حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية (VVD)، حزب العقد الاجتماعي الجديد “NSC”، وحزب المواطن الفلاح “BBB” — في التوصل إلى توافق حول سياسة اللجوء.

 

زعيم حزب الحرية “PVV”، خيرت فيلدرز، طالب بإجراءات مشددة تتضمن إغلاق الحدود أمام طالبي اللجوء، إخراج الحاصلين على الإقامة من مراكز اللجوء، ووقف لمّ شمل الأسر. ورغم أن حزبه كان يقود وزارة اللجوء من خلال الوزيرة مارولين فابر، إلا أن وتيرة التقدم لم ترضِه، ما دفعه للمطالبة بتوقيع سريع على خططه.

 

في المقابل، رفضت باقي الأحزاب فتح الاتفاق الحكومي الأساسي دون دراسة مفصلة لمقترحات فيلدرز، مما أدى في النهاية إلى انسحاب حزب الحرية، اليميني المتطرف، من التحالف وانهيار الحكومة.

 

حكومة قصيرة العمر
تُعد حكومة سخوف من أقصر الحكومات عمرا في التاريخ السياسي الحديث لهولندا، إذ تم تنصيبها في 2 يوليو 2024 بعد مفاوضات تشكيل معقدة. ومع سقوطها بعد أقل من عام، تنضم إلى حكومتي بالكنندِه الأولى والثالثة، اللتين لم تُكملا عاما أيضا منذ مطلع الألفية الجديدة.

 

مع اقتراب 29 أكتوبر، تتجه الأنظار إلى الناخب الهولندي الذي سيحسم من خلال صناديق الاقتراع ملامح المرحلة السياسية المقبلة، وسط تحديات داخلية كبرى على رأسها ملف اللجوء والاستقرار الحكومي.