أفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية، بمحكمة الاستئناف بالرباط، تقترب من حسم ملف ما بات يعرف بملف “عصابة الزئبق”، الذي يتابع فيه تسعة متهمين في حالة اعتقال، بينهم مفتش شرطة وأمنيان معزولان وموظفون، إلى جانب سيدة أربعينية تابعتها المحكمة في حالة سراح.
مصادر الجريدة أكدت أن الهيئة واصلت، قبل أسبوعين، مناقشة الملف، حيث فسحت المجال لهيئة الدفاع التي ترافعت بمداخلات قوية، أعقبتها مرافعة ممثل النيابة العامة، قبل أن ترفع الهيئة الجلسة الساخنة، في انتظار الاستماع للكلمة الأخيرة للمتهمين والمداولة من أجل البت النهائي في هذه القضية، خلال الجلسة المبرمجة، بداية الأسبوع المقبل.
وكان مجموع الأحكام الصادرة في حق المتهمين العشرة في الملف خلال المرحلة الابتدائية، التي حسمتها غرفة الجنايات الابتدائية في يناير من السنة الماضية، قد بلغ 32 سنة سجنا نافذا، منها 12 سنة وزعت بالتساوي على مفتش شرطة ورجلي أمن مفصولين من طرف المديرية العامة للأمن الوطني، فيما وزعت المحكمة باقي الأحكام التي تراوحت بين 3 أشهر موقوفة التنفيذ في حق سيدة أربعينية وأربع سنوات، كما أدانت المحكمة أربعة متهمين بسنتين حبسا، في حدود سنة موقوفة التنفيذ بالنسبة لمتهمين اثنين منهم.
وكانت النيابة العامة وقاضي التحقيق قد تابعا المتهمين بتهم بالغة الخطورة تتعلق بتكوين عصابة إجرامية والاختطاف والاحتجاز والسرقة المشددة باستعمال ناقلة ذات محرك، وتعدد الجناة تحت التهديد وانتحال صفة ينظمها القانون من أجل النصب والاحتيال ثم حيازة الأقراص الطبية المهلوسة.
المتهمون المتورطون في ملف “الزئبق الأحمر” الذين نصبوا على راق بمدينة الدار البيضاء في مبلغ ناهز 100 مليون سنتيم، بعد اختطافه واحتجازه بمساعدة أمنيين، كانوا قد مثلوا، نهاية شهر دجنبر من سنة 2024، في أول جلسة محاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، قبل أن تحسم المحاكمة بإصدار أحكام قضائية ابتدائية بلغت في مجموعها حوالي 32 سنة سجنا نافذا.
وكانت الفرقة الوطنية قد أطاحت بعصابة “الزئبق الأحمر” التي نصبت على راق شهير بالدار البيضاء في مبلغ 100 مليون سنتيم، بين أفرادها مفتش شرطة وأمنيين معزولين وأصحاب سوابق وسيدة، حيث جرى عرضهم على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط الذي التمس متابعتهم في حالة اعتقال، قبل أن يتم إيداع تسعة متهمين المركب السجني العرجات، ومتابعة سيدة من مواليد 1976 بالرباط في حالة سراح.
وتضم لائحة المتابعين في هذه القضية المثيرة عشرة أشخاص بينهم سيدة أربعينية ومفتش شرطة من مواليد 1976، يشتغل بإحدى الدوائر الأمنية بالمنطقة الرابعة بولاية أمن الرباط، وموظفان جماعيان بكل من سلا والخميسات، ورجلا أمن من مواليد 1970 و1984 سبق للمديرية العامة أن فصلتهما من جهاز الأمن سنة2016 و2017، إضافة إلى خمسة متهمين آخرين تتراوح أعمارهم بين سنتي 1961 و1980 وينحدرون من مناطق مختلفة كالصويرة وتارودانت وسيدي سليمان وخنيفرة والرباط وتارودانت.
وحسب معطيات الملف، تعتمد العصابة التي يتزعمها شخص من ذوي السوابق القضائية المتعددة في قضايا النصب، بمساعدة مسؤول أمني وموظفي شرطة مفصولين، أسلوبا إجراميا استنفر الأجهزة الأمنية والقضائية التي تكلفت بالتحقيقات، حيث ساد تخوف كبير من تنفيذ العصابة ذاتها لعمليات إجرامية مماثلة في حق رقاة آخرين وأعيان بالدار البيضاء وغيرها من المدن المغربية، خاصة أن مكونات الشبكة الإجرامية كانت موزعة على مواقع مختلفة بتراب المملكة وتحظى بمساعدة أمنيين ممارسين ومتقاعدين مجربين، ما جعل الأسلوب الإجرامي للشبكة جد منظم، تجاوز جرائم النصب ليمتد للاحتجاز والتهديد والسرقة المشددة.
وكانت المديرية العامة قد أفادت في بلاغ رسمي، أن عناصر الشرطة بمنطقة يعقوب المنصور بولاية أمن الرباط قد تمكنت، في شتنبر من سنة 2022، من توقيف عشرة أشخاص، من بينهم مفتش شرطة يعمل بدائرة أمنية، وذلك للاشتباه في ارتباطهم بشبكة إجرامية متورطة في النصب والاحتيال وانتحال صفة ينظمها القانون والاحتجاز والسرقة.
وحسب المعلومات الأولية للبحث، فقد عمد أحد المشتبه فيهم إلى النصب على الضحية بدعوى تمكينه من مادة “الزئبق الأحمر” لاستعمالها في مجال “الرقية الشرعية”، مقابل مبلغ مالي يناهز مليون درهم، وذلك قبل أن يتم استدراج مساعد للضحية تكلف بتسليم مبلغ الاتفاق، والذي تم تعريضه للاحتجاز والسرقة بمساهمة وتواطؤ من باقي المشتبه فيهم الذين انتحل البعض منهم صفات ينظمها القانون.
وأوضحت الأبحاث والتحريات المنجزة حسب بلاغ الأمن الوطني، أن من بين المتورطين في هذه القضية، شخص من ذوي السوابق القضائية في النصب، وموظفين اثنين معزولين منذ سنوات من أسلاك الشرطة، تم العثور بحوزتهم على مبالغ مالية متفرقة من عائدات هذا النشاط الإجرامي، والذين يشتبه في كونهم استفادوا من تواطؤ ومشاركة مفتش الشرطة الموقوف مقابل وعود بمنحه مزايا وهدايا.