حين هدد المغرب فرنسا بالحرب بسبب مجزرة سوسة في تونس (+وثيقة)

في واحدة من أبرز لحظات التاريخ الدبلوماسي المغربي، تكشف رسالة نادرة عن الموقف الحازم الذي اتخذه السلطان سيدي محمد بن عبد الله تجاه فرنسا، بعد قصف مدينة سوسة التونسية سنة 1776 من طرف البحرية الفرنسية.
📜رسالة إنذار إلى لويس الخامس عشر
استعرض الباحث في تاريخ المغرب نوفل الشعرة، تفاصيل هذه الحادثة عبر تدوينة أشار فيها إلى ما ورد في كتاب “التاريخ الدبلوماسي للمغرب” للمؤرخ عبد الهادي التازي.

الوثيقة عبارة عن رسالة رسمية بعث بها السلطان المغربي إلى ملك فرنسا لويس الخامس عشر، بعد أن أقدمت القوات الفرنسية على قصف مدينة سوسة بتونس، ما أدى إلى دمار واسع وسقوط ضحايا مدنيين.

 

وجاء في الرسالة الملكية:

 

“إلى حاكم جنس الفرانصيص لويز الخامس عشر، سلام على من اتبع الهدى… علم مولانا السلطان الأعظم… الخبر من ناحية تونس بما فعله قراصينكم بمدينة سوسة… هَدَّ الكثير منها ومات بها خلق كثير من غير ذنب… ولَتَعْلَمَنَّ أن المسلم أخو المسلم…”
تعكس هذه الرسالة بوضوح التزام المغرب بالدفاع عن المسلمين حتى خارج حدوده، وحرصه على التصدي لكل عدوان أجنبي غاشم عليهم بكل حزم ومسؤولية.

 

 

🗣️إشادة واعتزاز بمضمون الرسالة
وقد تداول نشطاء على نطاق واسع تدوينة نوفل الشعرة، حيث عبّروا عن إشادتهم واعتزازهم بمضمون رسالة السلطان المغربي إلى ملك فرنسا، معتبرين أنها تجسد مواقف المغاربة الراسخة تجاه إخوانهم المسلمين حول العالم.

 

ويأتي تداول مضمون هذه الرسالة الملكية في سياق محاولة “تيار متصهين” داخل المغرب إلى تحييد مشاعر المغاربة ومواقفهم، ودفعهم لتجاهل ما يتعرض له إخوانهم من إبادة جماعية غير مسبوقة في غزة. بل إن بعض المحسوبين على هذا التيار، على قلّتهم وكثرة صخبهم، يُسخِّرون ما أوتوا من جاه ومال وإعلام للترويج للسردية الصهيونية بشأن ما يجري في فلسطين عامة، وفي غزة على وجه الخصوص.

 

📖من هو السلطان سيدي محمد بن عبد الله؟
سيدي محمد بن عبد الله، المعروف أيضًا بـمحمد الثالث، حكم المغرب بين عامي 1757 و1790، ويُعد من أبرز سلاطين الدولة العلوية.

 

أطلق إصلاحات واسعة في ميادين الإدارة والاقتصاد، وأسس مدينة الصويرة كميناء تجاري عالمي.

 

كما كان أول حاكم يعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، ونسج علاقات دبلوماسية متقدمة مع أوروبا.

 

🔭رؤية استراتيجية ودبلوماسية حازمة
تبرز رسالة 1776 الدور التاريخي للمغرب كقوة إقليمية مستقلة، وحامية لكرامة الشعوب الإسلامية.

 

لقد مثّلت دبلوماسية سيدي محمد بن عبد الله مزيجًا من الحزم والدهاء السياسي، في وقت كانت فيه المنطقة عرضة لأطماع القوى الاستعمارية الكبرى.

⚖️عمق الثوابت المغربية في مناصرة المظلوم
وتكشف هذه الرسالة التاريخية، بعد مرور قرنين ونصف، عن عمق الثوابت المغربية في الانتصار للحق ومناصرة المظلوم، لا باعتبارها مواقف عاطفية عابرة، بل كجزء من رؤية استراتيجية متجذرة في الوجدان الشعبي والسياسي المغربي.

ففي الوقت الذي يسعى فيه البعض إلى طمس هذه القيم أو تحريف بوصلتها، تعود مثل هذه الوثائق لتذكّر الأجيال بأن الانحياز لقضايا الأمة لم يكن يومًا موقفًا ظرفيًا، بل خيارًا سياديًا تؤكده المواقف، وتوثقه الرسائل، ويتوارثه الأبناء عن الآباء كابرًا عن كابرٍ.