قبر يُرعب فاس ويجبر الأشغال على تجنبه

بعيدًا عن زحمة الأزقة وضجيج الحضارة في قلب فاس، تقف تلة ترابية صغيرة لا يجرؤ أحد على لمسها، وكأنها تحت حراسة قدرية لا تُرى… قبر وحيد، غامض، عصيٌّ على الزمن والناس، نجا من معاول الترميم، وتجاوز كل محاولات الاقتراب، وفرض صمته على كل من فكر أن يسأل: “من يرقد هنا؟”

ليس قبراً عادياً، بل جزء من ذاكرة المدينة التي امتلأت بالحكايات، بعضها يشبه الأساطير وأكثرها لا يملك دليلاً ولا تاريخاً، فقط الخوف والاحترام يلفان المكان كستار لا يُزاح. الحكايات تُروى في المجالس كأنها درر من “ألف ليلة وليلة”، ألسنٌ تتداولها، وأذهان تسافر معها… لكن لا أحد يمتلك جواباً شافياً.

 

حتى حين قررت جماعة فاس إعادة تهيئة المكان وإنشاء مرآب حديث، توقفت الآلات قبل أن تلامس القبر، وكأن شيئًا خفيًّا منعها، أو ربما هي رهبة المدينة من انتهاك سكون سرٍ دفنته الأزمنة.

 

هل هو وليّ صالح، أم رجل علم ونفوذ طواه الغياب، أم أن للقبر حكاية لم يُكتب لها أن تُروى؟ سؤال يظل معلقًا في سماء فاس، والجواب… لا يزال يرقد بصمت تحت تلك التلة الصامدة.