القصة الكاملة لاكتشاف جريمتي قتل بابن أحمد

ما زالت مختلف الفرق الأمنية ترابط بمدينة ابن أحمد منذ أسبوع، من أجل فك لغز الجريمة البشعة التي هزت المنطقة، بعد العثور، عصر يوم الأحد 20 أبريل الجاري، على بقايا أطراف بشرية بدورات المياه الملحقة بالمسجد الأعظم بمدينة ابن أحمد، حيث كانت بداية اكتشاف جريمة قتل، وهو الخبر الذي استنفر كل الأجهزة الأمنية التي انتقلت إلى عين المكان، وبعد التحريات الأولية تم التعرف على الضحية، والذي تم قتله بطريقة وحشية من قبل شخص يعاني من اضطرابات نفسية، تم تحديد هويته الكاملة من طرف المحققين، ما استنفر وقتها مختلف الأجهزة التابعة لولاية أمن سطات، إذ تمكنت عناصرها من إيقاف المتهم الرئيسي في الحادث في ظرف وصف بالقياسي.

.

 

بداية اكتشاف جرائم بشعة

 

العثور على بقايا عظام وأطراف بشرية ملفوفة داخل أكياس بلاستيكية بدورات المياه الملحقة بالمسجد كان بداية اكتشاف جرائم بالتسلسل، فضلا عن حجز مجموعة من الأسلحة البيضاء بعين المكان، الحادث عجل بحلول عناصر الشرطة القضائية، معززة بالشرطة العلمية والتقنية ووحدة خاصة من فرقة للكلاب المدربة، حيث تمت الاستعانة بفرق من عمال شركة التطهير وجرافة للبحث عن باقي أطراف الجثة، التي عثر عليها بدورات المياه، البحث قاده عناصر الأمن، بعد اعتقال شخص معروف لدى السكان بالمنطقة، تظهر عليه أعراض اندفاع قوي وسلوك غير طبيعي، والذي تم ضبطه بمسرح الجريمة قبل وقت وجيز من اكتشاف أجزاء الجثة، وهو يرتدي ملابس داخلية تحمل آثار دماء، حيث تم اقتياده إلى مقر مصلحة الأمن، كما تم إخضاع منزله للتفتيش، وهي العملية التي مكنت من حجز منقولات وممتلكات شخصية وهواتف نقالة مشكوك في مصدرها، والتي يجري البحث حول ظروف وملابسات حيازتها من طرف المعني بالأمر، وعلاقتها المفترضة بالضحية.

 

ومن أجل مواصلة البحث لفك لغز الجريمة، تم إخضاع الأجزاء البشرية المعثور عليها للخبرات الجينية الضرورية، لتشخيص هوية صاحبها، كما جرى فحص عينات الحمض النووي المرفوعة من مسرح الجريمة ومن ملابس المشتبه فيه، لتحديد مدى تورطه في ارتكاب هذه الجريمة، وكذا الكشف عن جميع الظروف والملابسات والخلفيات المرتبطة بارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وهي الأبحاث التي أسفرت عن تورط الموقوف في الجريمة، بحيث تم تطابق الدم الذي كان على ملابسه بدم الهالك، والذي تم تحديد هويته والذي كان يعمل وكيلا عقاريا.

 

اكتشاف جثة ثانية

 

كشفت الأبحاث التقنية والعلمية التي أجريت على البقايا البشرية التي عثر عليها بالقرب من مسرح الجريمة الأولى، أن هناك أطرافا تتعلق بشخص آخر، غير الذي وجدت أطرافه داخل مرحاض المسجد، وهي معطيات جعلت المصالح الأمنية تكثف تحقيقاتها من أجل معرفة ما إذا كان المشتبه فيه، الذي ضبط داخل المسجد، هو الذي ارتكب الجريمتين، أم أن هناك مشتبها فيهم آخرين.

 

ولإخضاع العينات الجديدة للخبرات الجينية الضرورية، استدعت عناصر الأمن المكلفة بالتحقيق عددا من الأشخاص الذين لديهم بلاغات تخص البحث لفائدة العائلة، وبعد أخذ عينات من الحمض النووي ومطابقتها مع العينة المشكوك فيها، تم تشخيص هوية صاحبها، ويتعلق الأمر بالمسمى قيد حياته «هشام»، 50 سنة، عامل في المجال الفلاحي، اختفى قبل الضحية الأولى الذي عثر على أشلائه بدورات مياه المسجد الأعظم، وهي معطيات أكدت وجود جريمتين، مما جعل الفرق الأمنية تقوم بالبحث في مجاري المياه، انطلاقا من منزل المشتبه فيه، حيث تم العثور على بقايا بشرية، كما تم تمشيط المنطقة بالاستعانة بالكلاب المدربة وشركة التطهير لتتبع مجاري الصرف الصحي، وكذا استعمال جرافة في عملية الحفر.

 

ليبقى السؤال الكبير هل بإمكان شخص يقال إنه يعاني من اضطرابات عقلية أن يُقْدِمَ على مثل هذه الجرائم بهذه الدقة العالية، ويقوم بإعداد لائحة لضحاياه مسبقا والتخلص من جثثهم بهذه الطريقة والتي ما زال محققو الأمن يواصلون عملية البحث عنها، دون أن يعترف بتفاصيلها، خاصة بعما تبين أن الضحيتين لهما عداوة مع المتهم، وهو ما يؤكد فرضية الانتقام منهما بهذه الطريقة الوحشية، في وقت كان الجاني كشخص غير مرغوب فيها وسط بعض أقربائه، وخاصة من الوسط العائلي، بسبب سلوكه العدواني، بالرغم من كونه عرض في أكثر من مرة على مستشفى الأمراض العقلية، غير أنه كان يُسمح له بالمغادرة، دون تنسيق مع السلطات المحلية أو الأمنية أو إشعارهما.

 

متابعة المتهم في حالة اعتقال

 

قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بسطات، مساء الأربعاء الماضي، إيداع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي.

 

وكان الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها قد وجه إلى المتهم تهما تتعلق بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وارتكاب أعمال وحشية لتنفيذ جناية، إضافة إلى تهمة السرقة الموصوفة، وذلك وفقا للفصول 392 و393 و399 و510 من القانون الجنائي المغربي. وتم إحالة المعتدي على قاضي التحقيق بالغرفة الثانية، للشروع في التحقيق التفصيلي بتاريخ 20 ماي المقبل.

الفرقة الوطنية تدخل على الخط

بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات دخلت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، نهاية الأسبوع الماضي، على خط التحريات المنجزة في قضية جريمة ابن أحمد، وهي تعليمات أصدرها ممثل النيابة العامة، بعد تناسل الإشاعات وسط الشارع العام عن فرضية تورط المتهم الرئيسي في ارتكاب جرائم أخرى، وهو البحث الذي من شأنه فك لغز الجرائم الغامضة، وتحديد ملابسات الجريمة المذكورة.

مزاعم وجود جريمة ثالثة تقود لاعتقال شخص

أمام تناسل الإشاعات وسط الشارع العام حول قيام المشتبه فيه بقتل آخرين، تفاعلت المديرية العامة للأمن الوطني بجدية كبيرة مع شريط فيديو منشور على أحد المواقع الإخبارية، يظهر فيه شخص يزعم أن المتهم قام باقتراف فعل مماثل كانت ضحيته طفلة تبلغ من العمر 12 سنة، بحيث كشفت الأبحاث والتحريات المنجزة على ضوء هذا الشريط، أن الأمر يتعلق بتبليغ عن جريمة وهمية ووشاية كاذبة من شأنها المساس بإحساس المواطنين بالأمن، وأن مصالح الأمن الوطني بمدينة ابن أحمد لم تسجل أية واقعة تتعلق بتعرض طفلة للقتل.

كما أسفرت الأبحاث والتحريات المتواصلة في هذه القضية عن تحديد هوية الشخص الذي أدلى بالوشاية الكاذبة المذكورة، ليتم إيقافه خلال عملية أمنية تم تنفيذها بمدينة ابن أحمد، مساء أول أمس السبت.

وتم إخضاع المشتبه فيه لتدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا تحديد كافة الأفعال الإجرامية المنسوبة إلى المعني بالأمر.

برلمانيون يسائلون وزير الصحة حول مخاطر الأمراض النفسية

دخل كل من محمد غياث، البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، والمهدي الفاطمي، النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على خط جريمة ابن أحمد من خلال توجيه أسئلة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بشأن «أخطار إهمال الصحة النفسية في المغرب»، حيث ذكر البرلماني الفاطمي وزير الصحة بقضية «جريمة ابن أحمد» التي هزت الرأي العام، بعد العثور على بقايا بشرية يشتبه في ضلوع شخص يعاني اضطرابات عقلية في تقطيعها وإخفائها.

وأكد النائب البرلماني أن الحادثة ليست معزولة، بل تكشف ضعفا بنيويا في منظومة التكفل بالأمراض النفسية.

وطالب النائب الوزير أمين التهراوي بكشف عدد الأطباء النفسيين العاملين بالمستشفيات العمومية وتوزيعهم الجغرافي، والاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية ومدى تقدم تنفيذها، وعدد المراكز والأسِرّة المتوفرة للمرضى العقليين في جهات المملكة.

وأكد غياث في معرض سؤاله الكتابي أن الأمر يستدعي ضرورة تعزيز البنية الصحية المتعلقة بالأمراض العقلية والنفسية على الصعيد الوطني، وبالأخص بإقليم سطات، متسائلا عن طبيعة مبادرة قطاع الوزارة لإحداث بنية صحية متخصصة في الأمراض العقلية والنفسية على مستوى إقليم سطات.