كثفت تقارير المجالس الجهوية للحسابات، ولجان التفتيش التابعة لوزارة الداخلية، إلى جانب ملاحظات الولاة والعمال، من الضغط على ممارسات التعيين المشبوهة في مناصب القرب، التي يستفيد منها موظفون مقربون من بعض رؤساء الجماعات، دون احترام القوانين والمساطر المنظمة.
وفي الآونة الأخيرة، توصل عدد من مسؤولي الجماعات بتحذيرات رسمية تتعلق بخروقات في تعيينات المسؤولين، خصوصا تلك المخالفة لمقتضيات المرسوم رقم 2-21-580 الصادر في 31 غشت 2021، والذي يؤطر كيفية شغل المناصب العليا بالجماعات وشروط الأجور والتعويضات المرتبطة بها.
وبالرغم من الإطار القانوني الواضح، لجأ العديد من الرؤساء الجدد إلى إبعاد الأطر الإدارية التي كانت تشتغل مع أسلافهم، وعوضوهم بموظفين تجمعهم بهم علاقات ثقة وولاء، بعيدا عن معايير الكفاءة والمسابقة الشفافة، حيث يتم تفريغ المصالح الإدارية من كفاءاتها وتعويضها بمقربين يفتقرون غالبا إلى المؤهلات المطلوبة.
كما كشفت المعطيات أن بعض الموظفين الذين تم توظيفهم مؤقتا، أو ضمن فئة “العرضيين“، تم تثبيتهم لاحقا في مواقع المسؤولية الحساسة دون المرور بمسطرة الانتقاء، ما فتح الباب أمام تراكم الامتيازات المجانية، مثل السيارات، والهواتف، وتعويضات التنقل، واستغلال خدمات الجماعة لأغراض خاصة.
وتبين أيضا أن العديد من الموظفين يديرون أكثر من مصلحة أو قسم في الوقت نفسه، دون أن يكون ذلك مبنيا على مباريات شفافة، في خرق واضح لقواعد الاستحقاق وتكافؤ الفرص المنصوص عليها قانونيا.
وفي ظل هذا الوضع، حذرت لجان التفتيش من تفشي المحسوبية والزبونية في تدبير شؤون الجماعات، واستغلال مناصب القرب للهيمنة على المرافق العمومية، وإضعاف الأداء الإداري، مما يهدد بفتح ملفات قضائية ضد المخالفين، خاصة في ظل الشبهات التي تحوم حول التلاعب بالمال العام وتجاوز القوانين المنظمة.