تواصل غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، جلساتها الطويلة ضمن القضية المعروفة إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”، التي يتابع فيها عدد من الأسماء البارزة، من بينها القياديان السابقان في حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي.
وخلال الجلسة الأخيرة، استكملت المحكمة الاستماع إلى المتهم “بلقاسم م”، المتابع بتهم ثقيلة تشمل التزوير في وثائق رسمية، تسهيل عبور أشخاص عبر الحدود بشكل منظم، والمشاركة في الاتجار الدولي بالمخدرات، إلى جانب مخالفات جمركية وتهم تتعلق بتبييض الأموال.
وفي شهادته أمام هيئة المحكمة، كشف بلقاسم عن تفاصيل اتفاق جمعه بسعيد الناصري حول بيع فيلا فاخرة بحي كاليفورنيا، حيث أوضح أن الاتفاق تم داخل نادي الوداد الرياضي بحضور شهود، وتم توقيع وعد بالبيع، لكن توثيقه تأخر بسبب سفر مفاجئ للناصري.
وأكد المتهم أنه تسلم من الناصري خمسة شيكات كضمان، إلى جانب مبلغ نقدي قدره 650 مليون سنتيم، مشيرا إلى أن العقد النهائي تم توقيعه سنة 2019، كما صرح بتسلمه مبالغ مالية متفاوتة، مجموعها 1.15 مليون درهم، وادعى أن الناصري لا يزال مدينا له بـ500 مليون سنتيم، بالإضافة إلى مبلغ مراجعة ضريبية.
ولدى سؤاله عن سبب ثقته في الناصري رغم عدم توثيق المعاملات، أجاب بلقاسم، بأن الناصري كان شخصية معروفة، رئيسا لنادي الوداد، نائبا برلمانيا وقياديا في حزب الأصالة والمعاصرة، كما أن بلقاسم نفسه كان برلمانيا ضمن نفس الفريق النيابي، ما جعله يراه “مصدر ثقة”، مضيفا أن الناصري طلب منه في وقت سابق التصويت لفائدة فوزي لقجع في انتخابات رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، باعتباره رئيس الاتحاد الإسلامي لكرة القدم بوجدة.
القاضي واجه بلقاسم بتصريحات سعيد الناصري بخصوص تأسيس شركة “برادو”، وجعل الفيلا مقرًا لها منذ سنة 2019، نفس سنة شرائها، ما يُثير الشكوك حول الغرض الحقيقي من هذه الصفقة، حيث تم التطرق لأقوال عبد الكريم ع، المدير الجديد للشركة، الذي قال إن الناصري استقال من مهامه بالشركة منذ 2007، وسلّمه حينها كافة الوثائق بما فيها دفتر الشيكات، وهو ما نفاه بلقاسم قائلا إنه لا علم له بهذه التفاصيل.
وأثارت جلسة الاستماع تباينات بين تصريحات بلقاسم والمعلومات التي قدمها كل من الحاج بنبراهيم وعبد الكريم ع، المدير الجديد لشركة “برادو”، حيث أشار التصريحات إلى أن الفيلا محل النزاع كانت مقرًا للشركة منذ 2019، وهي نفس سنة شرائها، في حين زعم العلمي أن الناصري استقال من الشركة منذ 2007 وسلمه كافة الوثائق،بما فيها دفتر الشيكات، ما نفاه بلقاسم تمامًا.
كما تطرق القاضي إلى علاقة بلقاسم بالحاج بنبراهيم، الذي أفاد بأنه توسط في عمليات بيع عقارات وفيلا مع عبد النبي بعيوي، وسلم الأموال نقدًا دون تسجيل رسمي، وقد أكد بلقاسم معرفته السطحية بالحاج، ولقاءه به في سياق محاولة بيع ضيعة فلاحية فقط، نافيا أي علاقة وثيقة بينه وبين بعيوي، مستدركا أنه زاره في بيته ووسط عائلته مرة ثانية مع زوجته الفنانة لطيفة رأفت سنة 2013 وتناولوا وجبة الغذاء “الكسكس” معا.
وخلال الجلسة، واجهت المحكمة المتهم بتصريحات تتحدث عن سهرات ماجنة أقيمت بفيلا كاليفورنيا وبضيعة بوجدة، جمعت شخصيات بارزة من بينها الناصري وبعيوي وآخرون، بحسب ما ورد في شهادة “توفيق ز”. غير أن بلقاسم أنكر أي علم له بهذه الوقائع مكتفيا بالقول: “لا علم لي بهذه السهرات”، مؤكدا أن الفيلا كانت مسجلة باسمه سنة 2013 وقد بيعت له منوقبل عبد النبي بعيوي بواسطة وكالة من زوجته.
وفيما يتعلق بتصريحات تفيد بأن العشيقة المفترضة للحاج بنبراهيم سلّمت مفاتيح الفيلا لمدير أعماله، الذي سلّمها بدوره للناصيري، نفى بلقاسم بشكل قاطع أن يكون الناصري قد استولى على الفيلا أو استغلها دون حق.
وقررت المحكمة تأجيل مواصلة النظر في القضية إلى يوم الجمعة المقبل، لاستكمال الاستماع إلى باقي المتهمين في هذا الملف المعقد، الذي لا يزال يثير الكثير من الجدل واللغط في الرأي العام.