في تقاطع رمزي بين البروتوكول الملكي واهتمام الإعلام الدولي، برز اسم الأميرة لالة خديجة، كريمة الملك محمد السادس، كعنوان بارز لتقارير وتحليلات صدرت عن كبريات المنابر العالمية، التي رأت في إطلالاتها الأخيرة أكثر من مجرد ظهور بروتوكولي عابر.
وفي هذا الإطار، خصّت صحيفة El Periódico الإسبانية الأميرة الشابة بمقال تحليلي مطوّل، استعرض أبعاد حضورها من زوايا متعددة، تتجاوز الجانب الجمالي لتلامس الأسئلة الرمزية المرتبطة بمكانة المرأة داخل المؤسسة الملكية، وتحولات صورة العائلة الملكية في الإعلام الغربي.
ولم تكتف الصحيفة بإبراز أناقة لالة خديجة ولا بإعادة نشر صور مشاركتها في استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت ماكرون، بل توقفت عند رسائل أعمق، معتبرة أن الأميرة باتت تشكل إشارة دالة توحي بتحول هادئ يجري داخل المؤسسة الملكية، يُدار بصمت وذكاء، ويعيد تعريف الأدوار الرمزية داخل الأسرة الملكية.
وتُقدَّم لالة خديجة، المولودة يوم 28 فبراير 2007، والتي تتابع دراستها حالياً داخل المدرسة المولوية، في الصحافة الأوروبية كشخصية تتبلور بهدوء في كنف رعاية ملكية دقيقة، تجمع بين التكوين الأكاديمي الصارم والانفتاح على الفنون والثقافات.
وقد أشارت تقارير إعلامية إلى إتقانها لأربع لغات، وممارستها لهوايات راقية كالعزف على البيانو والغيتار، إضافة إلى رياضات النخبة مثل الفروسية والرماية.
وتُستثمر هذه المعطيات التي تبدو في ظاهرها مجرد عناصر سيرة ذاتية، إعلامياً كدلائل على مسار إعداد متأنٍّ قد يفضي، مستقبلا، إلى أدوار أكثر حضورا للنساء داخل النسق الملكي، في انسجام مع الدينامية المجتمعية التي يشهدها المغرب في مجال تمكين المرأة وتعزيز مساهمتها في الفضاء العمومي.
واللافت أن تقارير منابر مرموقة من قبيل Paris Match، Jeune Afrique، Hola، وPoint de Vue، توقفت كلها عند تفاصيل دقيقة: القفطان الملكي، عقد الزمرد، طريقة الجلوس إلى جانب بريجيت ماكرون، وحتى الخطوات الواثقة للأميرة… وهي عناصر تُقرأ ليس فقط كاختيارات شخصية، بل كرسائل ناعمة تعبّر عن تموقع جيل جديد داخل العائلة الملكية، يزاوج بين الأصالة والتجديد.
ويعيد هذا الحضور المتنامي للأميرة للا خديجة أيضاً إلى الواجهة موضوع التمثيلية النسائية داخل المؤسسة الملكية، بعد مرحلة طغى فيها الحضور الذكوري لأسباب متعددة، منها ما هو تدبيري ومنها ما هو مرتبط بالخصوصية الملكية.
واليوم، تعود صورة المرأة داخل الأسرة الملكية إلى التداول الإعلامي، في صيغة أكثر نضجاً واتزاناً، تضع التكوين الشخصي والرمزية في قلب المعادلة.
وإذا كان ولي العهد الأمير مولاي الحسن يمثل رمز الاستمرارية المؤسساتية والدستورية، فإن الأميرة لالة خديجة تبدو في نظر المراقبين مرشّحة لتمثيل الواجهة الثقافية والرمزية للعائلة الملكية، في انسجام مع الرهانات الجديدة للمغرب، داخلياً وخارجياً، لا سيما ما يتصل بصورة المرأة المغربية الحديثة.
ومن دون تصريحات إعلامية أو ظهور متكرر، تحولت الأميرة الشابة إلى “نص مفتوح” تقرأه الصحافة العالمية بتمعّن، بحثاً عن دلالات مغرب جديد، يحافظ على وقاره المؤسسي، لكنه لا يتردد في تجديد رموزه وتحديث أدوات تواصله، بمنطق ناعم تُدبّره عناية مغربية خالصة.