أثارت المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي الجديد، ماركو روبيو، مع نظيره المغربي، ضغينة كبريات الصحف الإسبانية، التي ترى في ذلك ”تفضيلا” من قبل إدارة ترامب للمغرب على إسبانيا.
وكتبت صحيفة ”الموندو” مقالا تحت عنوان ”ترامب يستبعد إسبانيا في الجولة الأولى من اتصالاته: المغرب وتسع دول أوروبية قبل ألباريس”، جاء فيه أن الرئيس الأمريكي استبعد إسبانيا من الجولة الأولى لاتصالاته، مفضلاً التواصل مع المغرب وتسع دول أوروبية أخرى قبل التوجه إلى فرنسا.
وأضافت الوسيلة الإعلامية البارزة أن هذا النهج يسلط الضوء مجدداً على التباين الواضح وعدم التناغم الذي يميز علاقاته مع إسبانيا، وهو ما يشبه الوضع خلال فترته الرئاسية الأولى.
فمنذ أكثر من أسبوع على توليه منصبه، تضيف الصحيفة، لم يبادر ترامب ولا وزراؤه بأي اتصال مع نظرائهم الإسبان. هذه السياسة ليست مفاجئة، حيث إن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسبانيا لم تشكل أولوية للإدارة الأمريكية منذ فترة طويلة.
وقالت إن الخلاف البارز يتمثل في نظرة ترامب السلبية للإنفاق الدفاعي الإسباني، فضلاً عن التباين الأيديولوجي بينه وبين رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، مضيفة أنه في مواجهة هذا التجاهل الأمريكي، يسعى بيدرو سانشيز لتعزيز موقع بلاده على الساحة الدولية من خلال تقوية العلاقة مع الصين ودفع الاتحاد الأوروبي لمواجهة ما يعتبره “تهديدات” سياسات ترامب. عبر هذا التحرك، يقدم سانشيز نفسه كشخصية قيادية تسعى للتأثير خارج حدود إسبانيا، في محاولة لتعويض الفجوة الدبلوماسية مع إدارة البيت الأبيض. تكتب ”الموندو”.
صحيفة ”ذي ابجكتيف”، بدورها وفي مقال يحمل عنوان ”ترامب لا يراهن على إسبانيا في جولات اتصالاته الأولى ويعطي الأولوية للمغرب”، جاء فيه أن إسبانيا لا تعبتر أولوية بالنسبة لدونالد ترامب في جولات اتصالاته الأولى بعد توليه رئاسة الولايات المتحدة، إذ أظهرت الخطوات الأولية لحكومته تفضيل التركيز على تعزيز العلاقات مع دول أوروبية أخرى والمغرب، بينما بقيت إسبانيا في المرتبة الثانية من حيث الاهتمام.
يعكس ذلك موقفًا يتجاوز مجرد التعاون العسكري على الأراضي الإسبانية، وفق الصحيفة، حيث يعرب ترامب مرارًا عن استيائه من السياسة الاقتصادية والدفاعية التي تنتهجها إسبانيا، مشيرًا إلى أنها لا تفي بالتزاماتها الكاملة تجاه حلف شمال الأطلسي.
من جهة أخرى، وبعد فترة وجيزة من بداية ولايته، قام ترامب بشكل مفاجئ بضم إسبانيا إلى مجموعة “البريكس”، وهي منصة تضم الاقتصادات الناشئة التي تُعتبر بديلًا لمجموعة السبع، يشبر المنبر الإعلامي ذاته.
ويرى ترامب، بحسب الصحيفة، أن إسبانيا ليست حليفًا أيديولوجيًا مباشرًا لإدارته، ولا تمتلك حدودًا مع روسيا، فضلًا عن كونها ليست من أهم الاقتصادات الأوروبية الرئيسية. من هنا، كان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد أجرى اتصالات مع عدة دول ذات أهمية استراتيجية أكبر للولايات المتحدة، مثل دول البلطيق، بولندا، المجر، فرنسا، وألمانيا. كما تحدث روبيو مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، مشددًا على الدور الحاسم للشراكة المغربية-الأمريكية لتعزيز الأمن والسلام الإقليمي والدولي، مثنيًا على قيادة الملك محمد السادس في هذا الصدد.
واسترسلت أن روبيو أجرى حتى الآن اتصالات أو مقابلات مع 34 شخصية بارزة، سواء رؤساء أو وزراء خارجية، وشملت جولاته دبلوماسية دولًا ككندا، إسرائيل، السعودية، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، اليابان، وكوريا الجنوبية. ومن المرتقب أن تأخذ أولى جولاته الرسمية إلى دول أمريكا اللاتينية والوسطى.
يبدو أن تعامل ترامب البارد نسبيًا مع إسبانيا ليس بالأمر الجديد؛ فقد شهدت ولايته الأولى موقفًا مشابهًا عندما تأخرت أول مكالمة هاتفية بينه وبين رئيس الوزراء الإسباني حينها ماريانو راخوي حتى 7 فبراير/شباط 2017. بحسب الصحيفة.
أما صحيفة الـ ”اندبندنتي”، فصارت هي الأخرى على نفس المنوال، حين ذكرت أن إدارة ترامب تجري اتصالات مع المغرب ورواندا قبل قمة باريس خلال الأيام التسعة الماضية، وقام وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بعقد لقاءات أو التواصل هاتفيًا مع قيادات ومسؤولين من وأشارت أنه في الإدارة الأميركية، تخضع الخطابات، التصريحات، وأسلوب التواصل والتحركات المدروسة لمعاينة دقيقة، حيث إنها تُظهر بوضوح أجندة وأولويات الإدارة الجديدة.
ومع مرور تسعة أيام فقط على تولي دونالد ترامب منصبه، تسترسل الصحيفة، يبدو الرئيس منخرطًا بشكل كبير في إصدار الأوامر التنفيذية التي تخدم أجندته الداخلية في مجالات مثل مكافحة الهجرة، الحد من نفوذ العمال الفيدراليين، ومعارضة سياسات التنوع والمساواة والشمول. على الصعيد الدولي، تتجلى المتابعة الدقيقة للسياسات الخارجية عبر تحركات وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي يحمل على عاتقه تنفيذ رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة في الساحة العالمية.
إلى ذلك، أشاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بالدور البارز الذي يضطلع به الملك محمد السادس في تعزيز السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي. وجاء ذلك ضمن بيان صدر الاثنين في واشنطن عقب مكالمة هاتفية أجراها روبيو مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة.
وأكد في البيان الأهمية الكبرى للشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة لدعم الاستقرار الإقليمي والدولي، مشيدًا بدور الملك محمد السادس في هذا السياق.
وأشار بيان صادر عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إلى أن المحادثات بين الجانبين ركزت على قضايا عدة، منها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتحرير الرهائن، إلى جانب دور المغرب المحوري في إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
كما أعرب الوزير الأمريكي عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع المغرب بهدف تحقيق المصالح المشتركة في المنطقة وحل النزاعات، خاصة في إطار اتفاقيات أبراهام.
وأكد البيان كذلك أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من خلال زيادة التبادلات التجارية والاستثمارات بما يخدم مصالح الشعبين.