تطورات هامة في مشروع الربط بين المغرب وإسبانيا عبر نفق

يشهد مشروع نفق جبل طارق، الذي يهدف إلى ربط بين قارتي إفريقيا وأوروبا، تطورات جديدة. فقد منحت الحكومة الإسبانية عقد دراسة جدوى جديدة لشركة عالمية متخصصة في حفر الأنفاق، مما يضع المشروع على خطوة أقرب من التحول إلى واقع ملموس.

وأعلنت الحكومة الإسبانية عن منح شركة ”Herrenknecht Ibérica” الألمانية عقد دراسة جدوى لتقييم الجدوى الفنية والاقتصادية لمشروع نفق جبل طارق.

 

وستركز الدراسة بشكل أساسي على التحديات الهندسية واللوجستية التي يطرحها هذا المشروع الضخم، والذي يعتبر الأول من نوعه على مستوى العالم.

 

وأفادت تقارير إعلام إسبانية، أن الدراسة الجديدة ستكلف حوالي 3 مليون ونصف درهما ( 300 ألف أورو)، على أن تتم بحلول يونيو من سنة 2025 الجارية.

 

ويأتي هذا المشروع ضمن إطار خطط الاتحاد الأوروبي، الذي خصص 2.3 مليون يورو لدعم هذا الرابط الضخم بين القارتين.

 

مشروع النفق دخل مرحلته الجديدة، حيث تتولى ”Herrenknecht’ Ibérica”، الفرع الإسباني للشركة الألمانية المتخصصة في بناء آلات حفر الأنفاق، إعداد الدراسة التي ستتناول الحلول التقنية واللوجستية للتغلب على التحديات الناتجة عن العمل تحت أعماق تصل إلى 900 متر وظروف التيارات القوية.

 

وأكدت الشركة أن هذا المشروع يشكل أحد أصعب التحديات الهندسية في العالم، لكنه يحمل إمكانات هائلة لتعزيز كفاءة نقل الركاب والبضائع بين أوروبا وشمال إفريقيا.

 

ويشمل المشروع إنشاء نفق بطول 38.8 كيلومترًا، يمتد 27.8 كيلومتر منها تحت الماء على عمق يتراوح بين 175 و475 مترًا، فيما ستكون البقية عبارة عن ممر بري.

 

يُتوقع أن يوفر النفق، الذي تصل تكلفته إلى نحو 6 مليارات يورو، إمكانية مرور 13 مليون طن من البضائع و12.8 مليون مسافر سنويًا، مما يجعله خطوة محورية لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين القارتين.

 

رغم قرب المسافة بين البلدين، التي تُقدَّر بـ14 كيلومترا عند أضيق نقطة، تتطلب الظروف الجيولوجية والطبوغرافية اختيار مسار أطول وأكثر استقرارًا. وسيتم تنفيذ تصميم النفق بأسلوب يشابه نفق القناة الإنجليزية، مع نفقين أحاديي المسار بقطر 7.9 متر، مخصصين لقطارات عالية السرعة لنقل الركاب والبضائع في اتجاهات متعاكسة.

 

كما سيتم بناء نفق ثالث للصيانة وممرات عرضية لضمان الأمان. ضمن الاستعدادات الجارية، قامت الشركة العامة الإسبانية لدراسات الاتصالات الثابتة بمضيق جبل طارق (SECEGSA) بتوقيع عقد مع شركة ”Tekpam Engineering” لاستئجار أجهزة قياس زلازل تحت الماء قادرة على دراسة النشاط الزلزالي في المنطقة. تدوم هذه الأجهزة ما بين 6 إلى 24 شهرًا وتصل إلى أعماق تقارب 6000 متر، مما يتيح تحليل ظروف الموقع بدقة.

 

وفي سياق الأحداث الأخيرة، لعب الاتفاق المبرم بين الملك محمد السادس والرئيس بيدرو سانشيز في أبريل 2022 دورًا محوريًا في استئناف المشروع بعد عقود من الجمود. كما استُخدم الزخم الإعلامي حول استضافة إسبانيا والمغرب والبرتغال المشتركة لكأس العالم 2030 لتعزيز اهتمام جديد بالنفق باعتباره رمزًا للتعاون القاري.

منذ السبعينيات والثمانينيات، تمت دراسة إمكانية إنشاء وسيلة اتصال ثابتة بين البلدين. وفي عام 1996، تم التخلي عن خيار الجسر لصالح النفق بسبب التعقيدات الطبوغرافية والجيولوجية.

واليوم، مع الدعم المالي الأوروبي والتقدم التكنولوجي، يبدو أن المشروع يسير باتجاه تنفيذه الفعلي. إذا تم الانتهاء من النفق، فسيعد من بين أطول الأنفاق من نوعه عالميًا، حيث يختصر رحلة الركاب والبضائع بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي إلى أقل من 30 دقيقة. .

كما سيخفض زمن السفر بين الدار البيضاء ومدريد إلى خمس ساعات ونصف فقط بدلاً من 12 ساعة حاليًا، مشكلاً بذلك نقلة نوعية في الربط بين القارتين. أخيرًا، فإن العلاقة بين الدولتين ليست حديثة النشأة؛ فقد سبق أن تم ربطهما منذ عام 1996 بخط كهربائي بحري بسعة 700 ميجاوات، تم توسيعه لاحقًا إلى 1400 ميجاوات في عام 2006.