هيئة حقوقية تدعو الحكومة لعدم التطبيع مع الرشوة والفساد بردود أفعال “غير مسؤولة”

نبهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى “الوضعية المزرية لواقع الفساد والرشوة بالمملكة”، داعية إلى “تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الرشوة، مهما كانت مواقعهم أو مسؤولياتهم، مع الحرص على أن العدالة تأخذ مجراها دون تأثيرات أو ضغوط”.

وأكدت العصبة المغربية، في بيان لها، بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الرشوة، الذي يصادف السادس من يناير من كل عام، أن “الرشوة ليست مجرد ممارسة غير قانونية تنتهك القوانين والتشريعات”، مشددة على أنها “أضحت سلوكا يرسخ ثقافة الفساد، ويؤدي إلى تدهور القيم الأخلاقية داخل المجتمع، كما أنها آفة تعرقل التنمية وتزيد من معاناة الفئات الهشة، حيث تعيق الحصول على الخدمات الأساسية، وتضعف كفاءة الإدارة العمومية، وتؤدي إلى هدر الموارد العامة”.

 

وأوضحت الهيئة الحقوقية، أنه “رغم الجهود المبذولة لمحاربة الرشوة عبر وضع استراتيجيات وطنية، وتأسيس هيئات مكلفة بمحاربة الفساد، فإن هذه الظاهرة ما زالت مستشرية، مما يستدعي مراجعة شاملة وشجاعة لمكامن الخلل، خاصة أمام قتامة الأرقام والتقارير الصادرة عن مؤسسات وطنية ودولية، والتي تشير إلى استمرار تفشي الرشوة، وتدق ناقوس الخطر، وتفرض التحرك بشكل عاجل وجدي”.

 

ولعل التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الوطنية للنزاهة، بحسب العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، “أبرز عنوان على فشل الحكومات المتعاقبة في محاربة الفساد والرشوة، على وجه التحديد”. موضحة أنه “بحصول المغرب على 38 نقطة من 100 في مؤشر مدركات الفساد لعام 2023، يكون قد تراجع 5 نقاط خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو الذي انعكس على ترتيب البلاد، حيث انتقلت من الرتبة 73 ضمن 180 دولة لعام 2018، إلى الرتبة 97 في 2023”.

 

وعلى الرغم من أن جهات حكومية “قللت من خطورة الأرقام المعلن عنها”، يضيف البيان، أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن ردة فعل الحكومة اتجاه الهيئة المذكورة، “من قبيل مهاجمتها والطعن في مصداقيتها وتقزيم ميزانيتها السنوية، بالإضافة إلى عدم عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد منذ تنصيبها سنة 2017، وضعف التفاعل مع توصيات الهيئة بصفتها مؤسسة دستورية”، يعد “مشاركة غير معلنة في تفشي الظاهرة”. مشددة على “ضرورة تحمل الحكومة مسؤوليتها في هذا الصدد وعدم التطبيع مع الرشوة والفساد بردود أفعال غير مسؤولة”، مع التأكيد على أن “الرشوة مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف جهود الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام وكل الفاعلين”.

 

وبعد تجديد “قلقها العميق إزاء استمرار تفشي ظاهرة الرشوة في مختلف القطاعات الحيوية، مما يقوض حقوق المواطنين ويضعف ثقتهم في المؤسسات”، دعت الهيئة، إلى “تعزيز الشفافية والمساءلة في الإدارة العمومية، من خلال تبسيط المساطر الإدارية، واعتماد الرقمنة في جميع القطاعات، لضمان الحد من الاحتكاك المباشر بين المواطنين والموظفين، وهو ما يمثل بيئة خصبة للرشوة”.

 

هذا، وطالبت العصبة الحقوقية ذاتها، بـ”تقوية الإطار القانوني والمؤسساتي لمحاربة الرشوة، عبر تفعيل الدور الحقيقي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وضمان استقلاليتها وفعالية تدخلاتها، بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد”، بالإضافة إلى “تعزيز التربية على قيم النزاهة والشفافية، من خلال إدماج مواد تعليمية في المناهج الدراسية التي ترسخ الوعي بأهمية محاربة الفساد، و تحفيز الأجيال الصاعدة على رفض الرشوة بكل أشكالها”.

 

وإلى جانب هذا، شدد المصدر، على “ضرورة إشراك المجتمع المدني بشكل فعال في محاربة الرشوة، باعتباره شريكا أساسيا في التوعية والرصد والتبليغ، وكذا إطلاق حملات توعوية مستمرة، تسلط الضوء على الآثار السلبية للرشوة على المجتمع، وتشجع المواطنين على الإبلاغ عنها، و توفير قنوات آمنة وسرية لهذا الغرض”.

 

ودعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى “تعزيز دور الإعلام في فضح قضايا الرشوة والفساد، وضمان حماية الصحفيين الاستقصائيين الذين يعملون على كشف هذه القضايا، وتوفير بيئة قانونية آمنة لممارسة عملهم”، مع “تعزيز التعاون الدولي في مجال محاربة الرشوة، من خلال الانخراط الفعلي في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، والاستفادة من التجارب الناجحة لدول استطاعت تقليص معدلات الفساد بشكل ملحوظ”.

 

وطالبت الهيئة، بـ”متابعة تنفيذ الاستراتيجيات والخطط الوطنية لمكافحة الفساد، من خلال وضع مؤشرات قياس واضحة، ومساءلة المسؤولين عن أي تقصير أو فشل في تحقيق الأهداف المرجوة، وإلى نشر نتائج التحقيقات المرتبطة بقضايا الرشوة بشكل دوري وشفاف، لضمان تعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة”.