تفاصيل مُحاولة الفرنسيين “خداع” المغرب لبيع طائرات “رافال” بسعر يفوق ثمنها الحقيقي

ما زال رفض المغرب اقتناء طائرات “رافال” الفرنسية، وتفضيله التوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير منظومة سلاح الجو الخاصة به، أمرا مُسببا للحرج والارتباك بالنسبة للفرنسيين، الذين لم يكونوا يتوقعون ذلك، وفق ما كشفت عنه مُعطيات حديثة، والتي تحدثت عن أن الملك محمد السادس اكتشف محاولة لـ”خداع المملكة”، ما دفعه لتجاهل العرض الفرنسي.

هذا المعطى جاء على لسان “مسؤول بارز في سلاح الجو الفرنسي”، وفق ما نقلته مجلة “ليكسبريس” في تقرير مطول بعنوان “رافال، أسرار صغيرة للنجاح الكبير: كيف أصبحت طائرة داسو ضرورية؟”، إذ وصف فشل باريس في إقناع الرباط بإتمام الصفقة بأنه كان “فشلا مدويا”، مبرزا أنه إلى غاية اليوم لا زال المسؤولون الفرنسيون يتبادلون الاتهامات بخصوص ذلك.

 

ووفق التقرير فإن الرئيس الراحل جاك شيراك فشل في تسويق الطائرات الفرنسية التي يتم تصنيعها في مصانع شركة “داسو للطيران”، خارج السوق الفرنسية، لذلك تعهد خلفه في الإليزي، نيكولا ساركوزي، بالنجاح في هذه المهمة، على اعتبار أن طلبات الجيش الفرنسي وحدها لا تكفي لضمان أرباح للمشروع، وكان المغرب من بين أبرز الدول المستهدفة.

 

إلا أن “خيبات الأمل توالت”، في ظل المنافسة أساسًا مع شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية التي تُصَنِّع طائرات “إف 16″، وهي الطائرات التي توجه إليها المغرب في عهد الملك ملك محمد السادس، وذلك على عكس تقديرات الفرنسيين الذين توقعوا أن القوات المسلحة الملكية كانت ستتوجه إليهم رأسا، وأنهم سيدخون السوق المغربي دون أدنى منافسة.

 

ويقول المسؤول البارز في سلاح الجو الفرنسي “كان الإخفاق مدويا”، ويُضيف “اعتقدنا أن الصفقة مضمونة لأنها مع المغرب، وكأن هذا البلد سيوقع مع فرنسا بشكل طبيعي”، وأوردت “ليكسبريس” أن لا أحد، إلى اليوم، يدري ما الذي حدث بالضبط، وتابعت “يتبادل الجميع الاتهامات حول المسؤولية عن هذا الفشل”.

 

وكشفت المجلة الفرنسية أنه “أثناء المفاوضات، علم ملك المغرب أن السعر الذي تشتري به الدولة الفرنسية طائراتها، وهو حوالي 100 مليون يورو للوحدة، أقل بكثير من السعر الذي اقترحته “داسو” على المغرب، مضيفة أن بعض المصادر تشير إلى أن السعر كان ضعف ذلك تقريبا، بينما يقول آخرون إنه كان أعلى بنسبة 10 إلى 20 في المائة فقط.

 

ولا زالت الجهة التي كشفت “السر”، وفق تعبير المجلة، غير معروفة، بالتحديد، وتضيف “بعضهم يتهم المديرية العامة للتسلح، وآخرون يوجهون الاتهام إلى رئيس الأركان في رئاسة الجمهورية”، مبرزة أن الأمر مرتبط أيضا برفض وزارة المالية الفرنسية بضمان قرض جديد للمملكة من أجل إتمام الصفقة، وبعدها “تدخلت الولايات المتحدة بذكائها الاستراتيجي، وقرر المغرب التوجه نحوها”.

 

وتتقاطع هذه المعطيات مع ما سبق أن ذكرته تقارير متخصصة، ففي سنة 2021 مثلا، ذكر موقع “ديفينسا” الإسباني والمتخصص في الشأن العسكري أن رئيس أركان الجيش الفرنسي عرض على المغرب اقتناء سرب من طائرات “رافال”، لكن الرباط لم تُبدِ أي ترحيب بالفكرة، في مقابل فتحها مجال التفاوض مع واشنطن لاقتناء مقاتلات “إف 15” في إطار عمليات تجديد وتطوير منظومتها العسكرية الجوية، والتي تعتمد فيها بشكل شبه كامل على الطائرات الأمريكية، مع تنويع مصادرها بخصوص الطائرات المُسيرة عن بعد.

 

ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتسرب فيها خبر رفض المملكة عرضا من باريس لتزويدها بطائرات “رافال”، ففي 2015 قالت وسائل إعلام فرنسية إن المغرب رفض إتمام صفقة مكونة من 18 طائرة سنة 2007، وهو القرار الذي جاء بأمر مباشر من الملك محمد السادس باعتباره القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، وبعدها مباشرة وجهت الرباط بوصلتها إلى واشنطن لشراء طائرات “إف 16”.