عاد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مرة أخرى، ليؤكد في خطاب رسمي أمام البرلمان بغرفتيه، مواقف بلاده، مما أسماهم “القضايا العادلة”، محاولا الربط بين القضية الفلسطينية التاريخية، وما يُطلق عليها قضية “الصحراء الغربية” المدعومة من لدن نظامه العسكري.
وأكد مراقبون، في هذا الصدد، أن خطاب تبون، بدا كما لو كان صفحة مكررة من خطاباته السابقة، يمضي في تكرار الرواية التي دأبت الجزائر على تبنيها لعقود، متجاهلاً حقائق التاريخ والجغرافيا، ومستمراً في معاكسة إرادة المملكة المغربية، التي تثبت يوماً بعد يوم، شرعية سيادتها على أقاليمها الجنوبية.
ومن اللافت في هذا الخطاب، حسب هؤلاء، إصرار الجزائر على تقديم الصحراء المغربية، كـ”آخر مستعمرة في إفريقيا”، متناسية أن هذه الأرض جزء لا يتجزأ من المغرب منذ قرون خلت؛ ومغلفة واقع تأكيد المحكمة الدولية في لاهاي سنة 1975، بوضوح، الروابط التاريخية والسياسية، بين قبائل الصحراء، وسلاطين المغرب، وهو ما يُسقط الحجة الجزائرية، التي تحاول تصوير المغرب كقوة احتلال، ويجعل هذه الادعاءات لاشيء، سوى امتداد لرواية سياسية تخدم أجندة معادية لوحدة المغرب الترابية، ولا تسعى إلا لتعميق الخلافات الإقليمية في منطقة تحتاج إلى التعاون والاستقرار.
ورغم ادعاء الجزائر، عبر رئيسها، بأن موقفها “ليس عدائياً تجاه المغرب”، إلا أن الواقع يقول غير ذلك؛ فمن دعمها المالي واللوجستي للكيان الانفصالي المزعوم، إلى حملاتها الدبلوماسية والإعلامية المستمرة ضد المغرب، يظهر جلياً أن الجارة الشرقية، جعلت من قضية الصحراء، معركة شخصية وسياسية في صلب أجندة سياستها الخارجية، تضحي فيها بمصالح شعبها، لصالح مشروع انفصالي لا يمت بصلة إلى الواقعية أو العدالة.
كما أن فرنسا، التي أشار إليها تبون، كطرف داعم للموقف المغربي، ليست وحدها في هذا الموقف، بل إن العالم بات يدرك، وفق محللين ومراقبين للملف، أن النزاع حول الصحراء، ليس سوى عائق أمام تنمية المنطقة واستقرارها، مشيرين إلى أن المغرب، بمشاريعه التنموية الكبرى، ورؤيته المتقدمة، يثبت يوماً بعد يوم، أن الصحراء ليست فقط جزءاً من ترابه، بل أيضاً جزء من مستقبله الذي يبنيه بيديه.
وإذ يكرر الخطاب الجزائري، روايات تجاوزها الزمن، يظل السؤال قائماً، إلى متى ستظل الجزائر حبيسة الماضي، مُصرة على افتعال الأزمات بدلاً من المساهمة في حلها؟ في مقابل، تمسك المغرب بحقوقه وتطلعه إلى المستقبل، يعلم أن الزمن في صالحه، وأن الحقائق التاريخية والجغرافية لا يمكن طمسها بخطابات جوفاء.