الجزائر تبحث استقبال مدير المخابرات الجوية السورية بعد سقوط نظام الأسد

في خضم التحولات التي شهدتها الساحة السورية، عقب سقوط نظام بشار الأسد، برزت الجزائر كلاعب إقليمي مثير للجدل، من خلال احتضانها لشخصيات بارزة من النظام السوري المنهار؛ إذ نقلت وسائل إعلام سورية، عن “مصادر موثوقة”، في هذا الصدد، خبرا يفيد بوجود اللواء جميل حسن، مدير المخابرات الجوية السورية السابق، في لبنان، مبرزة أنه يجري اتصالات مكثفة للحصول على لجوء سياسي في الجزائر.

هذه الخطوة، التي بحسب المصادر المذكورة أعلاه، “تناقشها القيادة العسكرية الجزائرية مع الرئيس عبد المجيد تبون”، تأتي في سياق دعم الجزائر التاريخي لنظام الأسد، لكنها تفتح الباب أمام تساؤلات ملحة، حول أهداف هذا الدعم، واستمراريته بعد انهيار النظام.

 

ولطالما عُرف اللواء جميل حسن، بدوره المحوري في آلة القمع السورية، إذ ارتبط اسمه بجرائم واسعة النطاق ضد المدنيين خلال الحرب، إلى جانب كونه مطلوباً دوليًا بموجب مذكرة توقيف صادرة عن “الإنتربول”؛ ويشير مراقبون، أنه في حالة ما قررت الجزائر استقباله، فإن ذلك سيمثل تحديًا صارخًا للمجتمع الدولي، ومبادئ العدالة، مما قد يضعها في دائرة الانتقادات كدولة توفر ملاذًا آمنًا لشخصيات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.

 

وما يزيد من تعقيد المشهد، هو التقارير التي تؤكد وجود اثنين من كبار القادة العسكريين السوريين في فندق “الأوراسي” الفخم بالعاصمة الجزائرية، وهو ما يعكس، بوضوح، مستوى التنسيق بين الجزائر وبقايا النظام السوري. هذه الخطوة، ليست مجرد “تضامن سياسي” مزعوم، بل تعكس شراكة استراتيجية عميقة، قد تعيد تشكيل صورة الجزائر على الساحة الدولية، كدولة تتبنى سياسات تتعارض مع تطلعات الشعوب، والعدالة الدولية.

 

كما أن دعم الجزائر لنظام الأسد، كان، وفق هؤلاء، دائمًا مبررًا بمواقفها المعلنة ضد التدخلات الخارجية، لكن في ظل انهيار النظام، يصبح هذا الدعم عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا، ذلك لأن استضافة شخصيات، مثل جميل حسن، تضع الجزائر في موقف يصعب تبريره، خاصة مع تصاعد المطالب الدولية بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم في سوريا. هذه الخطوة قد تؤدي إلى عزلة دبلوماسية، وإلى تقويض جهود الجزائر في تعزيز صورتها كدولة محايدة تسعى إلى الاستقرار الإقليمي.

 

وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن الجزائر تواجه خيارًا صعبًا، إما التمسك بسياساتها التقليدية الداعمة للنظام السوري، أو إعادة النظر في مواقفها، بما يتماشى مع المتغيرات الدولية، إذ أن القرار الذي ستتخذه الجزائر، لن يحدد فقط مستقبل علاقتها مع سوريا، بل سيؤثر أيضًا على مكانتها الإقليمية والدولية في مرحلة حرجة من تاريخ المنطقة.