شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل تصاعدًا خطيرًا في العنف المرتبط بتهريب المخدرات، حيث تم تسجيل 75 حادث إطلاق نار منذ بداية عام 2024، متجاوزًا عدد الحوادث المسجلة في العام السابق بأكمله، والتي بلغت 62 حادثة. ويكشف هذا الرقم عن تطور مقلق يشير إلى اشتداد حدة المنافسة داخل عالم تجارة المخدرات.
حادثة أومالي الأخيرة: نقطة تحول
أحدث حادث إطلاق نار في حي أومالي، والذي وقع مساء الأحد وأسفر عن مقتل شخص وإصابة آخر، أضاف مزيدًا من التوتر إلى المشهد الأمني في بروكسل. ويُعتقد أن هذه الحوادث مرتبطة مباشرة بحروب النفوذ بين عصابات المخدرات، وفقًا لما أكده Michaël Dantinne، عالم الجريمة في جامعة لييج. ووفقًا لـ Dantinne، “تشهد المدينة تصاعدًا ملحوظًا في أعمال العنف، مدفوعًا بالتنافس على السيطرة على سوق المخدرات المربح”.
حروب النفوذ ودائرة الانتقام
يشير Dantinne إلى وجود عاملين رئيسيين وراء هذه الموجة من العنف:
صراع النفوذ: العصابات تتنافس للسيطرة على عمليات التوزيع والصفقات النهائية للمخدرات، مما يؤدي إلى مواجهات دامية.
دائرة الانتقام: تتصاعد دورة العنف نتيجة ممارسات الثأر، حيث يؤدي مقتل أحد أعضاء العصابة إلى ردود فعل دموية تستهدف أفراد العصابة المنافسة. ويعلق Dantinne قائلاً: “هناك قوائم مالية وبشرية يتم تصفيتها في هذه الحروب، حيث تسعى كل عصابة للثأر من خصومها بشتى الطرق”.
منطق السوق السوداء: القتل كوسيلة تصفية
تطورت أساليب العصابات من إطلاق النار التحذيري، الذي كان يقتصر في السابق على إصابة الأعداء في الأرجل، إلى عمليات اغتيال مستهدفة أكثر وحشية. ويضيف Dantinne: “في سوق غير قانوني، حيث لا مجال للاحتكام للقضاء لحل النزاعات، يلجأ الأفراد إلى العنف المسلح لحسم الخلافات”.
سوق القتل مقابل أجر
يكشف هذا التصعيد عن وجود ما يمكن تسميته “سوق القتل مقابل أجر”، حيث انخفضت تكلفة تنفيذ عمليات القتل بشكل كبير.
ويشير Dantinne إلى أن “العصابات باتت تستخدم أفرادًا أقل تدريبًا وأكثر استعدادًا للمخاطرة بحياتهم، ما يعزز من منطق وقود المدافع على خط المواجهة”.
أثر التصعيد على المجتمع
تثير هذه التطورات مخاوف متزايدة بين سكان بروكسل، الذين يعيشون في ظل تهديد يومي جراء هذه الحروب الإجرامية. ويعكس هذا الوضع تحديات أمنية كبيرة للسلطات المحلية، التي تجد نفسها أمام معضلة معقدة تتطلب تدابير صارمة لمكافحة الاتجار بالمخدرات والحد من انتشار الأسلحة.