في أسبوع واحد، أكثر من احتجاج على حكومة عزيز أخنوش، المتقاعدون تجمعوا في الرباط، والنساء العاملات غاضبات في حقول بيوكرى ضواحي أكادير، ونساء طاطا يخرجن لرفع شعار العدالة الاجتماعية، إذ لم تنجح حتى الفياضانات في لفت انتباه الحكومة لوضع منطقتهم الهش، حيث لم يغادر الشعار بعد ندوات الناطق الرسمي للحكومة ولا تقارير الأغلبية ولا ردهات قبة البرلمان، لكن في حمأة الغضب يقرر موزعو المحروقات بالمغرب زيادة جديد فوق جبل الزيادات.
صمت الحكومة لم يخف إقرارها بالفشل في تدبير ملفات اقتصادية بأثر اجتماعي، على غرار وقف دعم مهنيي النقل منذ ماي الماضي، وفشل دعم استيراد الأبقار والأغنام الذي كلف ملاييرا من خزينة الدولة، ثم اختلالات الخطيرة في ملف استيراد الأدوية، إذ قال فوزي لقجع الوزير الملكف بالميزانية أن الأدوية في المغرب تباع بأربعة أضعاف مقارنة بالعالم.
وضع يؤكد بحسب متابعين ضعفا كبيرا لدى الفاعل الحكومي ومعه السياسي أيضا وعدم القدرة ابتكار حلول ناجعة لوضع اجتماعي يتسم بالضخم والغلاء وأجور زهيدة مقارنة مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام في المغرب.
ضعف الفاعل السياسي في تدبير الشأن العام، سبق للملك محمد السادس أن انتقده بشده، واصفا الطبقة السياسية بأنها “غير القادرة على التنفيذ والإبداع في الاختيارات التنموية التي تبقى عموما صائبة، لكن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير”.
وسبق للملك محمد السادس، أن قال في خطاب بمناسبة الذكرى الـ18 لعيد العرش سنة 2017، إن “التطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة”، معتبرا أنه “عندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا من المكاسب المحققة، أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه؛ وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم”.
في السياق، تتناقل وسائل الإعلام الوطنية، صور وفيديوهات للمغاربة تنتقد بشدة الفاعل السياسي، يظهرون من خلالها في حالة غضب ويرمون بالائمة على الحكومة، محملين إياها وزر تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ومطالبين بتدخل الملك محمد السادس في الموضوع، بسبب فقدانهم للثقة في المؤسسات المنتخبة والطبقة السياسية.
وهنا أكد الملك محمد السادس، سنة 2017، أن من حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد والشعب وهمومه في واد آخر؟”.
وتساءل الملك محمد السادس عن أنه “إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”، موجها خطابه إلى المسؤولين المغاربة بالقول: “كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون”.
وأضاف الملك أن “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول… لأنه نابع من تفكير عميق”.