الإعلام الجزائري يتعمد الإساءة للمغرب وتزوير حقيقة الأمير عبد القادر الصادمة

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” في 8 أكتوبر الماضي، مقالًا يسلط الضوء على بعض من الأحداث التاريخية المتعلقة بالأمير عبد القادر، الزعيم الذي ارتبط اسمه بمقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر في القرن التاسع عشر.

لكن ما أثار الجدل هو الطريقة التي تم بها نقل هذا الموضوع من قبل وسائل الإعلام الجزائرية، حيث قاموا بتحريف أرشيف الصحيفة الأمريكية من فبراير 1873 واتهام المغرب كذبا بخيانة الأمير عبد القادر.

 

وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمير عبد القادر بـ “Moorish Chief” (الزعيم المغربي)، وهي حقيقة تاريخية تستند إلى أن الأمير بايع سلطان المغرب في 1832 وبدأ جهاده تحت رايته حتى عام 1844

 

وفي فترة لاحقة، تورط في أعمال تمرد ضد المغاربة أنفسهم، بل طلب الدعم من حاكم مليلية الإسباني في تحدٍ مباشر للمغرب.

 

ورغم أن هذا جزء من التاريخ المظلم للأمير عبد القادر، إلا أن الإعلام الجزائري تجاهله تمامًا، وركز فقط على محاولة تشويه المغرب مسؤولية إخفاقات الأمير.

 

لكن أكثر ما كان لافتًا في المقال هو ذكر “نيويورك تايمز” لخيبة الأمل التي عانى منها الأمير عبد القادر من الفرنسيين، حيث خرقوا وعدهم له بالسماح له بالرحيل إلى مصر بحرية. بدلًا من ذلك، اختار الفرنسيون له المنفى في سوريا، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول موقفه الحقيقي من الاستعمار الفرنسي.

 

ورغم هذا الغدر الفرنسي، تجاهل الإعلام الجزائري التركيز على هذه النقطة الجوهرية، مكتفيًا بتقديم الصورة المريحة حول علاقة الأمير بالمغرب.

 

ولم يكن هذا هو الموضوع الوحيد الذي تم تجاهله، بل يبدو أن الإعلام الجزائري فضل التغاضي عن العديد من المواقف المبدئية للأمير عبد القادر، ومنها رفضه للثورات الجزائرية الأخرى ضد الاحتلال الفرنسي، مثل ثورة الشيخ المقراني والشيخ الحداد في عام 1871.

 

كما تجنبوا التطرق إلى موقفه القاسي من نجله محي الدين، الذي طالب بالثورة ضد فرنسا، حيث أرسل الأمير عبد القادر رسالة شديدة اللهجة لقنصل فرنسا في دمشق، يعلن فيها براءته من أفعال ابنه ويصفه بالعدو.

 

إن تجاهل هذا الجانب من حياته يحجب حقيقة أن الأمير قد تحول من مقاوم للاحتلال الفرنسي إلى شخصية سياسية خدم مصالح الإمبراطورية الفرنسية بعد أن تراجع عن دوره كمحارب استقلال.

 

إن هذا التلاعب الإعلامي لأبواق نظام الكابرانات في الجزائر والتجاهل المتعمد للحقائق التاريخية يعكس رغبة في تقديم سرد تاريخي يناسب الأجندات السياسية الحالية، متجاهلين التعقيدات الحقيقية للأحداث.