في مشهد يختصر مأساة الهجرة غير الشرعية، عثر ناشط إسباني على قصاصة ورقية في ملابس مهاجر جزائري غرق في البحر المتوسط، لتروي آياتها القرآنية قصة أخرى عن رجل ابتلعه البحر – النبي يونس – في تشابه درامي مؤثر بين القصتين.
كان فرانشيسكو خوسيه كليمونت مارتين، المتخصص في شؤون المهاجرين غير الشرعيين، يفحص متعلقات أحد الضحايا حين عثر على ورقة تحمل آيتين من سورة الأنبياء. كانت الآيات تحكي قصة النبي يونس الذي دعا ربه من بطن الحوت في ظلمات البحر. وكأن المهاجر الجزائري استشعر مصيره المحتوم، فاختار هذا الدعاء تحديداً ليكون رفيقه الأخير في رحلته.
نشر الناشط الإسباني صورة القصاصة على صفحته التي يتابعها ربع مليون شخص، طالباً ترجمة محتواها. وسرعان ما انهالت التعليقات المؤثرة من متابعيه، أغلبهم من عائلات المهاجرين، يشرحون له معنى الآيات ويدعون بالرحمة للضحية.
أثارت القصة موجة من التعاطف والحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر الكثيرون عن تأثرهم العميق بمصير الشاب الذي قضى وحيداً في عرض البحر. كتب أحد المعلقين: “بكيت لما قرأت المنشور.. شعرت بأنه ابني أو أخي حتى وأنا لا أعرفه”.
فتحت الحادثة جدلاً واسعاً حول ظاهرة “الحريك’” المتصاعدة في الجزائر. فبينما رأى البعض أن المسؤولية تقع على الظروف المعيشية الصعبة التي تدفع الشباب للمغامرة بحياتهم، اعتبر آخرون أن المسؤولية تقع على الشباب أنفسهم الذين يختارون “الموت المحتوم”.
في تطور لاحق، أعلن خفر السواحل الإسباني إنقاذ عشرة جزائريين من قارب آخر – رجلين وسيدتين وستة أطفال – بعد غرق قاربهم، في تذكير بأن قصة المهاجر الغريق ليست سوى واحدة من مآسٍ كثيرة يشهدها البحر المتوسط يومياً.
تبقى قصاصة الورق التي حملت دعاء النبي يونس شاهداً على لحظات الخوف والندم والأمل التي عاشها ذلك المهاجر قبل أن يبتلعه البحر، تاركاً خلفه رسالة تختصر مأساة آلاف الشباب الذين يختارون المغامرة بحياتهم بحثاً عن حياة أفضل في الضفة الأخرى من المتوسط.