هكذا حولت سنوات الجفاف والمضاربات “زيت العود” إلى ذهب أخضر لا تطاله أيدي الفقراء

سنة تلوَ سنة، ظلت أسعار مادة زيت الزيتون، التي تعد جزءً هاما في موائد المغاربة، غذاءً ودواءً، لما لها من منافع طبية كبيرة جدا، ترتفع وتحلق عاليا، كي لا تطالها أيادي البسطاء والفقراء من المواطنين المغاربة.

ومع الأسعار الخيالية التي وصلت إليها، خصوصا السنة الماضية، وبداية هذه السنة، فإن الجدل حولها بقيَ مستمرا، وملاحقة المغاربة لها، وبحثهم عن الجودة والسعر المناسب، ظل حديث الأوساط المجتمعية.

 

تتدخل عوامل عديدة في تحديد سعر هذه المادة، لكن من المؤكد أن السوق السوداء، والمضاربون، وعمليات الغش، تزيد من انفلات “زيت العود” من بين أيادي الراغبين في استهلاكها.

 

الجفاف أولاً

 

من المؤكد أن أول عامل أثر على أسعار زيت الزيتون هو سنوات الجفاف المتتالية، التي هوت بمستويات إنتاج الزيتون إلى أرقام منخفضة.

 

وأبرز وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، في حديث له تحت قبة البرلمان، أن أسعار زيت الزيتون تأثرت بتوالي سنوات الجفاف، لافتاً إلى أن ارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الإزهار أثرت على المردودية حتى بالمناطق المسقية، ما أدى إلى انخفاض إنتاج الزيتون.

 

وأضاف أن هذا الموسم سيشهد انخفاضا في إنتاج الزيتون بنسبة 11 في المائة بالمقارنة مع الموسم الماضي، و40 في المائة بالمقارنة من سنوات الإنتاج العادية.

 

كما أشار المسؤول الحكومي إلى أنه من المرتقب أن يبلغ إنتاج زيت الزيتون 90 ألف طن، في الوقت الذي يتراوح فيه معدل الاستهلاك الوطني بين 130 و140 ألف طن.

 

وفي إقليم قلعة السراغنة، مثلاً، تم إغلاق حوالي 300 معصرة خلال موسم جني الزيتون الحالي، بعد أن تراجع الإنتاج إلى ما يقرب 50% وفق مهنيين في القطاع.

 

للمضاربات نصيب

 

في حديثه عن موضوع المضاربات، وفي سؤال موجه إلى وزير القطاع المختص، قال كمال بن خالد، مستشار عن فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، مؤخرا، إن هناك جهات تغتني من ندرة زيت الزيتون بالمغرب، وتتلاعب بالأسعار، محذرا من وصول السعر إلى 150 درهما، في حالة غياب تدخل حكومي.

 

كما حذر المتحدث من إمكانية إقفال مصانع في هذا المجال العام المقبل، نظرا إلى أن ما يزيد عن 65 وحدة صناعية في زيت الزيتون، مهددة بالإفلاس.

وتأكيدا على أن المضاربات تؤثر كثيرا في سعر زيت الزيتون، بغض النظر عن العوامل الطبيعية، لفت المستشار إلى أن العام الماضي شهد ارتفاع أسعار الزيت بـ30 في المائة؛ “لكن لحسن الحظ كانت الزيادة أيضا في الدول المجاورة، غير أنه حاليا هذه الزيادة توجد في بلدنا فقط”.

التلاعب بالجودة

وسط كل هذا الغلاء، يبرز دائما أصحاب الحلول غير القانونية والشرعية، ممن يعرضون المواد النادرة بأسعار زهيدة، تمثل إغراءً للراغبين في اقتنائها “بأي ثمن رخيص”.

المتلاعبون بالجودة، والغشاشون، كانوا موضوع مداخلة للبرلماني جمال الديواني الذي لفت، في سؤال موجه للوزارة المختصة، إلى أن مجموعة من التقارير تشير إلى تفشي ظاهرة وجود بعض معاصر زيت الزيتون التي تشتغل خارج إطار الأخلاقيات المهنية، خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف إنتاج زيت الزيتون، موضحا أن أنه يتم اللجوء إلى أساليب غش متعددة في هذا المجال، مثل خلط زيت الزيتون بزيت المائدة، مع إضافة صبغات ومكونات لتعديل الرائحة والطعم.

ومن بين الممارسات، وفق المتدخّل دائما، خلط زيت الزيتون الجديد بآخر قديم رديء الجودة، فضلاً عن إضافة كميات من أوراق الزيتون أو بعض الأعشاب للحصول على لون أخضر مميز.

حلول حكومية

أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، مؤخرا، أن الحكومة قررت ضمن استراتيجيتها لتمويل الأسواق الوطنية واستقرار الأسعار، “تعليق رسوم استيراد زيت الزيتون البكر والبكر الممتازة”.

الوزير نبه أيضا إلى أن هذه الزيوت المستوردة ستخضع لمراقبة صارمة من قبل المكتب الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، كما سيجري ضبط تصدير زيت الزيتون من خلال منح رخص تحدد الأنواع والكميات المسموح بها.

الوزير أفاد أيضا أنه سيتم ضبط عملية تصدير زيت الزيتون إلى الخارج، في محاولة من أجل السيطرة على الارتفاع الجنوني لأسعار هذه المادة.