هل يوجه استعراض الجزائر العسكري رسالة إلى المغرب؟

احتفلت الجزائر بالذكرى السبعين لثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، التي انطلقت في عام 1954، من خلال استعراض عسكري، شارك فيه كافة فروع الجيش الجزائري، وحضره رؤساء دول تونس وموريتانيا وليبيا. وهو استعراض مماثل لذلك الذي شهدته في الذكرى الستين للاستقلال. وهو ما يعكس عزم قصر المرادية، على إظهار قوته العسكرية.

في هذا الصدد، خصصت الجزائر ميزانية دفاعية لعام 2025 تقدر بـ 25 مليار دولار، وهي ميزانية غير مسبوقة، من شأنها أن تجعل من الجيش الجزائري الأكبر في إفريقيا. ويعزى هذا التوجه إلى شعور السلطات الجزائرية بوجود مخاطر تتعلق بالحدود مع المغرب وعدم الاستقرار في ليبيا.

 

هذا الاستعراض العسكري الذي أثار سخرية واسعة بين نشطاء مواقع التواصل، بسبب المعدات العسكرية القديمة، أبرزها عربة “شيلكا” السوفيتية، التي تعود تصميماتها إلى ستينات القرن الماضي، بالإضافة إلى الشبه الكبير بالاستقبال الذي أعده المغرب للرئيس الفرنسي ماكرون. (هذا الاستعراض العسكري) تهدف من خلاله الجارة الشرقية، إلى توجيه رسائل واضحة إلى المغرب والدول الغربية. خاصة وأن الجزائر تعتبر المغرب، أكبر خصم لها، بعد قطع العلاقات بين البلدين منذ عام 2021، بعد اتهامات جزائرية للرباط بـ”أعمال عدائية”، وهو ما تنفيه المغرب.

 

وتسعى الجزائر، إلى إيصال رسائل قوية إلى جيرانها في المغرب، وإلى فرنسا أيضا التي تساند الرباط، حيث ترى الجزائر أن الدعم الفرنسي للمغرب يشكل تهديدا لمكانتها الإقليمية.

 

وتتجاوز الجزائر حدود الجغرافيا، وتستهدف التأثير على القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في ظل تقاربها المتزايد مع كل من الصين وروسيا. وتتعاظم هذه الديناميكيات في سياق التداعيات المستمرة للاعتراف الأمريكي في عهد ترامب بسيادة المغرب على صحرائه.

 

وتستمر أجواء التوتر بين الجزائر والمغرب في تصاعدها، حيث أقدمت الجزائر على فرض تأشيرات دخول على المغاربة، وسحبت سفيرها من باريس، معبرة عن احتجاجها على موقف فرنسا الداعم لمغربية الصحراء. وترتبط حالة “العداء” المستمرة بين الجزائر والمغرب بتصاعد النزاع المسلح القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي تحظى بدعم الجزائر.

 

وتعيش الجارة الشرقية في خضم قلق متزايد، إذ تخشى أن يصبح المغرب قوة عسكرية متفوقة، تحوله إلى العمود الفقري للمغرب العربي. وفي محاولة لكبح جماح هذه المخاوف، تتجه الجزائر نحو تعزيز ترسانتها العسكرية، كإجراء استباقي يهدف إلى الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.