عمل الأطفال في العطلة الصيفية.. تطوير للشخصية أم انتهاك للحقوق؟

مع انطلاق العطلة الصيفية، يلجأ العديد من الأطفال إلى مزاولة مجموعة من المهن والأنشطة التي قد تفوق في بعض الأحيان قدراتهم الفيزيولوجية وطاقتهم.

ورغم صغر سنهم، تختار بعض الأسر تشغيل أبنائها سواء داخل ورشات نجارة أو عند باعة الملابس أو في بعض المصانع، فيما يعتبر البعض الآخر هذه الفكرة ظالمة للطفولة ومنتهكة لحقوقها.

 

تطوير وتنمية للشخصية
تقول سهام وهي أم لطفلين، في حديث لـ’’بلادنا24’’، أنها ’’تدفع طفلها الكبير الذي لم يتجاوز بعد سن 15 عاما إلى الاشتغال خلال العطلة الصيفية من أجل تعلم مهارة جديدة وتطوير شخصيته بالخصوص، وأيضا بغية التعرف على أشخاص جدد والانفتاح أكثر’’.

 

وترى المتحدثة، أن ’’عمل الطفل في إحدى الورشات التي لا تتسبب له في الأذى أو لا يتعرض من خلالها للقمع أو تحمل أشياء تفوق طاقته الاستعابية، أمر عادي وأحيانا يكون جيدا، حيث أنه يساعد على تقوية شخصيته وتطوير مهاراته’’.

 

وأضافت السيدة ذاتها، أنها ’’ضد عمل الأطفال الأقل من 15 سنة، خاصة من يعملون بمهن تفوق قدراتهم، وتشعرهم بالعياء أو قد تتسبب لهم في مرض ما’’.

 

انتهاك وتعد على الحقوق
من جانبه، قال هشام حرثون محامي بهيئة الدار البيضاء، أن المشرع المغربي كان جد واضح بخصوص ذلك، مشيرا إلى ’’المادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل، التي صادق عليها المغرب سنة 1993، والتي أكد على أنها تقر بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا عليه أو يعتبر عائقا لدراسته وتعليمه’’.

 

وأضاف المحامي، في تصريح لـ’’بلادنا24’’، على أن ’’الاتفاقية التي وقع عليها المغرب، تقر أيضا بحماية الطفل من أي عمل قد يكون ضارا بصحته أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي، كما تقوم بالزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لضمان تنفيذ مقتضيات المادة السالف ذكرها، بما في ذلك وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه وفرض عقوبات’’.

 

وأوضح حرثون أن ’’ المادة 143 من مدونة الشغل، تسمح بتشغيل الأطفال، على أن يبلغوا 15 سنة، حيث تم تحديد هذا السن انسجاما مع اتفاقية منظمة العمل الدولية التي صادق عليها المغرب بتاريخ 6 يناير 2000’’.

 

وأشار المتحدث ذاته، الى أن ’’القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين حدد سن التشغيل في سن 18 سنة، وفقا للمادة 23 من القانون ذاته، بعدما أن كانت محددة في سن 16’’.

 

واعتبر المحامي بهيئة الدار البيضاء، أن ’’تشغيل الأطفال خارج الضوابط القانونية، يعتبر بمثابة إشكالية يجب معالجتها’’.

 

وقد تدفع الظروف المالية المزرية، والوضع الاجتماعي غير الجيد، بعض الأسر المغربية خلال فصل الصيف، إلى تشجيع أبنائها على الاشتغال بهدف شراء ملابس جديدة أو توفير الكتب المدسية الخاصة بهم.

 

أمر غير مقبول
بدورها، قالت نجاة أنور، رئيسة جمعية ’’ماتقيش ولدي’’، إن ’’المنظمة، ومنذ تأسيسها، تناضل من أجل حماية الأطفال من جميع الظواهر التي قد تمس بسلامة الطفل وحقوقه، والتي من بينها تشغيل الأطفال، نظرا للظروف السيئة التي يتعرض لها الطفل، وتعريضه للخطر، عبر تمكينه من استعمال أدوات خطيرة، كما قد يتعرض للتعنيف، وفي بعض الأحيان للاستغلال الجنسي’’.

وأضافت أنور، في تصريح لـ’’بلادنا24’’، أن ’’العطلة الصيفية هي فترة استراحة ذهنية وعقلية وجسدية، يحتاج لها الطفل بعد مسار دراسي مضني. وتشغيل الطفل خلال هذه المرحلة، هو أمر غير مقبول، حتى ولو كان بدافع تطوير شخصيته’’.

واعتبرت أن ’’الطفل يجب أن يتمتع بعطلته، خاصة داخل المخيمات الصيفية التي تسهر عليها مجموعة من الجمعيات المختصة في ربوع المملكة، وفيها يمكن للطفل أن يطور من شخصيته، عبر مجموعة من البرامج داخل هذه المخيمات، والتي تمكنه من الاعتماد على نفسه، وتكوين شخصية قوية’’.