قصة صعود عائلة أخنوش..ثروة ضخمة انطلقت من دكان صغير؟

آل أخنوش…قصة نجاح بدأت ب”دكان ليصانص” وأوصلت عزيز إلى هرم الاثرياء ..لا يختلف اثنان على أن الأسر السوسية كانت عبارة عن عائلات مركبة، تضم الأجداد والأبناء والأحفاد، تسود بينهم قيم الاحترام، ويحرص كبيرهم على تعليم صغيرهم مبادئ الدين والعلوم، وحثه على التمسك بالقيم داخل مجتمع محافظ لا زالت ملامحه لحد الآن.
وعرفت الأسر السوسية بطموح أن يصبح أبناؤهم تجارا كبارا، سيرا على خطى ابناء بلدتهم الذين رحلوا مبكرا إلى مدينة الدار البيضاء للعمل فتلقنوا مبادئ التجارة داخل الدكاكين، حتى سارت هناك عائلات تجارية تشكلت منذ الأربعينيات، وتكونت العائلات السوسية الكبيرة، جمعت بين بعضها مصالح تجارية واقتصادية دفعتها إلى تدبير زيجات لأبنائها ليس فقط لضمان الرصيد المالين ولكن أيضا لتمتين الرصيد الاجتماعي.

من هذا المنطق بدأت قصة أسرة أخنوش، تشكلت نواتها الأولى، داخل قرية هادئة بتافراوت، بالضبط بقرية “أكرض أوضاض”، المجاورة للمركز، فالجد ابراهيم أخنوش اشتهر بالعلم والمقاومة… عرف في محيطه عالما يعشق القراءة، ويحرص كذلك على تربية وتعليم أفراد أسرته، خاصة حفيده أحمد بن امحمد بن ابراهيم أخنوش، الذي عرف بحب استطلاعه وطموحه، شاكس المستعمر، وتزعم حركة المقاومة في أملن بضاحية تافراوت، وتمكن بفضل كفاحه وعمله الدؤوب وذكائه من أن يصبح من رجال المال والأعمال.

 

وكعادة أبناء سوس، التحق أحمد أولحاج أخنوش بالدار البيضاء سنة 1919، لتعلم مبادئ التجارة، بعد أن درس الحساب والفقه وحفظ القرآن، كان يراقب أبناء بلدته عند عودتهم في الأعياد ويسمع عنهم وهم يرسمون مستقبلهم بالعاصمة الاقتصادية، حلم بدوره أن يتمرس على “الحرفة” التحق ببعض معارف أسرته وأقاربه، وحتى يتمكن من التواصل مع كل الزبناء تعلم الدارجة المغربية، وأصبح ملما بمبادئ التجارة والأحياء والأماكن التجارية، كما تعلم تحمل المسؤولية في سن مبكرة.

 

كان حلم الشاب أحمد أن يصبح رجل أعمال، عمل جاهدا على تحقيق ذلك، بمدينة كبيرة تتيح الفرصة لمن يعمل ويكد، إدخر ما يكفي من المال لفتح أول دكان لبيع “بترول ثقيل” كان يشتريه من شركات أجنبية، ويقوم ببيعها بالتقسيط، فقد كان طموحا وشغوفا بالميدان. توالت السنوات، وفتح دكاكين أخرى كلف أشخاصا من بلدته بإدارة كل واحد منها، فمبدأ الثقة كانت سارية عند السوسيين الذين يستقبلون الوافد الجديد ويمنحونه الفرصة لإنشاء مشروع، يبدأ من الصفر ويجاهد ويكابد لتكوين رأس المال قرشا قرشا وخلال تلك الرحلة المليئة بالمحن يتشرب المهنة وتقلباتها والعلاقة التي يحب أن تسود مع الزبناء…

 

بدأت أعمال أسرة أولحاج تتوسع، وحماس العمل يزداد يوما بعد يوم، فقد كان أحمد أولحاج طموحا، أعمال تسير بشكل اعتيادي، إلى غاية اصطدامه بمنافسة تجارية شرسة من شركة فرنسية شكلت في حياته المهنية نقطة تحول ، اضطر معها بفضل ذكائه إلى تغيير سفينة حياته التجارية وجر معه التجار السوسيين إلى خوض المغامرة عبر تحسين طريقة عملهم، وتطوير متاجرهم، لصد محاولات دفعهم إلى الإفلاس .

 

واجه خطة المستعمر الرامية إلى الحكم على” ولاد البلاد” بالإفلاس، بخطة مضادة، وتمكن التجار السوسيون بفضل حنكتهم من استقطاب ليس الزبناء المغاربة، بل الأجانب أيضا، فنافسوا المتاجر الفرنسية “العصرية” في الأحياء الراقية.، وطبعا كان أخنوش يعمل في الخفاء مع المقاومة وجعل بعضا من عقاراته من بينها “محطات بنزين” بالمدينة مكانا لاجتماعات أعضائها، فكان إلى جانب الاصطدام التجاري مع الآخر الدخيل اصطداما آخر يسعى للتحرر والانعتاق.