الباكالوريا شرط مطروح للترشح للانتخابات

مع اقتراب استحقاقات 2026، يعود إلى الواجهة نقاش إصلاح المنظومة الانتخابية، حيث برز مطلب نوعي يتمثل في فرض مستوى دراسي أدنى لا يقل عن شهادة الباكالوريا كشرط للترشح للمسؤوليات الانتخابية.

ويستند هذا المقترح، الذي تتبناه عدة هيئات مدنية وسياسية، إلى ضرورة تأهيل النخب المنتخبة والرفع من جودة أداء المؤسسات التمثيلية على المستويين المحلي والوطني. ويرى الداعمون للفكرة أن وجود منتخبين ذوي حد أدنى من التكوين العلمي يساعد على تحسين التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتدبير الشأن المحلي.

 

إلى جانب شرط المؤهل الدراسي، برزت مقترحات أخرى من بينها مراجعة التقطيع الانتخابي بما يضمن تمثيلية عادلة عقب الإحصاء العام الأخير، وتقليص الفوارق بين الدوائر الحضرية والقروية. كما طُرح تبسيط إجراءات التصويت عبر اعتماد البطاقة الوطنية فقط بدل التسجيل في اللوائح الانتخابية، مع تعزيز الشفافية من خلال المراقبة المستقلة، وتوظيف التكنولوجيا الرقمية مثل المحاضر الإلكترونية، وتمكين القضاء والهيئات الرقابية من تتبع سلامة العملية الانتخابية.

 

وتشمل الإصلاحات المقترحة أيضًا تعزيز تمثيلية النساء والشباب داخل البرلمان والمجالس المنتخبة عبر تخصيص نسب مشاركة واضحة، وتشجيع تجديد النخب السياسية. كما يجري التأكيد على ضرورة محاربة المال السياسي عبر ربط التمويل العمومي بمدى التزام الأحزاب ببرامجها، وإرساء آليات صارمة لمحاربة الرشوة واستغلال المال في الحملات.

 

ومن بين النقاط المثارة كذلك، مطلب إلغاء أو تعديل نظام اللوائح الانتخابية باعتماد الترشح الفردي لتقوية مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، إلى جانب التصدي لظاهرة الترحال الحزبي التي تضعف ثقة المواطنين في الممارسة السياسية.

 

ويعتبر مؤيدو شرط الباكالوريا أن هذا المعيار لا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، بل يساهم في تعزيزها من خلال ضمان حد أدنى من الكفاءة في التعامل مع النصوص القانونية واتخاذ القرارات. غير أن معارضين يحذرون من مخاطره على حق الترشح، خصوصًا في ظل التفاوتات المجالية في التعليم ونسب الأمية المرتفعة ببعض المناطق، مما قد يؤدي إلى إقصاء غير مباشر لفئات واسعة.

 

وللخروج من هذا الإشكال، يقترح المدافعون عن الفكرة اعتمادها بشكل تدريجي، مرفوقة ببرامج لتأهيل الفاعلين المحليين وتشجيع الشباب المتعلم على الانخراط السياسي، مع مراعاة بعض الاستثناءات حسب السياقات.

 

ويرى متابعون أن هذا النقاش يعكس وعيًا متناميًا بضرورة الارتقاء بأداء المؤسسات المنتخبة وإعادة الاعتبار للوظيفة التمثيلية، باعتبارها مؤسسات دستورية تتطلب كفاءات قادرة على التشريع، التحليل، والتواصل، بعيدًا عن منطق النفوذ والزبونية أو ما يوصف بـ”الأمية السياسية