اعتقال مغربي بتهمة قتل طالبة بباريس يفجر أزمة سياسية في فرنسا

أثار اعتقال مواطن مغربي في سويسرا لتورطه في قتل طالبة جامعية في باريس، عُثر على جثتها مدفونة في إحدى الغابات نهاية الأسبوع الماضي، موجة من الجدل السياسي في فرنسا، خصوصاً مع بداية عمل الحكومة اليمينية الجديدة التي وجدت نفسها تحت رحمة ضغط اليمين المتطرف.

المشتبه فيه، الذي اعتُقل في جنيف بناءً على طلب من السلطات الفرنسية، يُدعى طه، ويبلغ من العمر 22 سنة، دخل إلى فرنسا قادماً من إسبانيا وهو في سن 17 سنة دون وثائق إقامة قانونية، قبل أن يرتكب، قبل فترة قصيرة من وصوله، جريمة اغتصاب سنة 2019، حينما كان لا يزال قاصراً، وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات.

 

وعقب انتهاء مدة عقوبته، أُفرج عن المشتبه فيه في 20 يونيو الماضي، وكان من المقرر ترحيله خارج فرنسا، إلا أنه نُقل أولاً إلى مركز احتجاز في انتظار تنفيذ قرار الترحيل إلى المغرب، قبل أن يقرر قاضٍ، في 3 شتنبر الجاري، الإفراج عنه تحت المراقبة القضائية، في وقت كانت السلطات الفرنسية بانتظار الموافقة المغربية لتنفيذ عملية الترحيل.

 

المراقبة القضائية والخرق
و‏‎كان المشتبه فيه خاضعاً لإجراءات المراقبة القضائية، التي تفرض عليه التبليغ بانتظام لدى السلطات الفرنسية، لكنه لم يلتزم بهذه الإجراءات؛ إذ بعد أن وافقت السلطات المغربية على استقباله، أدرجته فرنسا في قائمة الأشخاص المطلوبين.

 

وفي غضون ذلك، اختفت طالبة تبلغ من العمر 19 سنة، تدعى “فيليبين”، تدرس في جامعة باريس دوفين، بعد مغادرتها الحرم الجامعي القريب من غابة بولونيا في 20 شتنبر الجاري، قبل أن يتم، في اليوم التالي، العثور على جثتها مدفونة في الغابة، ما أدى إلى صدمة كبيرة في الأوساط الجامعية والإعلامية.

 

ردود الفعل السياسية
أول ردود الفعل السياسية جاءت من رئيس حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، الذي عبر عن استنكاره لما حدث عبر حسابه في منصة “إكس”، قائلاً: “حياة فيليبين سُلبت على يد مهاجر مغربي كان من المفترض أن يُرحل”؛ قبل أن يضيف مستطرداً: “هذا المهاجر لم يكن له مكان على الأراضي الفرنسية، لكنه تمكن من تكرار جرائمه دون عقاب.. نظامنا القضائي متساهل، والدولة عاجزة عن حماية الفرنسيين من الخطر الذي يعيشون فيه يومياً بسبب التراخي الحكومي”، مطالباً بـ”ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لإنهاء هذا الوضع”.

 

وفي أول تعليق حكومي على القضية، قال عثمان نصرو، وزير الدولة لشؤون المواطنة ومحاربة التمييز، الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية، في تصريح لقناة “CNews”: “ما حدث لفيليبين هو جريمة فظيعة وغير مقبولة”، مضيفاً أن “هذه الواقعة تطرح العديد من الأسئلة الجوهرية التي يجب توضيحها”. مؤكداً أن “هناك أخطاء في كيفية التعامل مع هذا الملف، خاصة أن المشتبه فيه كان قيد الاحتجاز، وأُطلق سراحه قبل أيام قليلة فقط من وصول الموافقة المغربية على ترحيله”.

 

انتقادات المعارضة
ومن جانبه، انتقد أوليفييه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض، الإفراج عن المشتبه فيه، معتبراً أن “هذه المأساة كان يمكن تفاديها”؛ متسائلا في حديثه لقناة BFMTV، عن سبب عدم احتجاز المشتبه فيه حتى تنفيذ قرار الترحيل، مضيفاً أن “القضاء يجب أن يتحمل مسؤوليته في مثل هذه الحالات”.

 

في المقابل، أعربت النائبة الفرنسية ساندين روسو عن قلقها من استغلال اليمين المتطرف لهذه القضية لتعزيز خطاب الكراهية والعنصرية، حيث كتبت على حسابها في “إكس”: “فيليبين قتلت بوحشية، والمشتبه فيه مغربي ويخضع لأمر ترحيل.. يجب معاقبته على هذه الجريمة بشدة، ولكن علينا أن نكون حذرين من خطاب الكراهية الذي قد يصاحب هذه الواقعة”.

 

ملف الهجرة في قلب الجدل
حري بالذكر أن هذه القضية تأتي في ظل تصاعد الضغوط على الحكومة الفرنسية الجديدة فيما يخص ملف الهجرة والأمن الداخلي، إذ تواجه الأخيرة تحديات كبيرة تتعلق بتشديد السياسات تجاه المهاجرين غير النظاميين، في وقت يطالب فيه اليمين المتطرف بفرض إجراءات أكثر صرامة لمنع تكرار مثل هذه الجرائم.