إعلان روسيا الاتحادية الحرب على أوكرانيا يثير مخاوف متزايدة لدى القطب الأوروبي بخصوص الأمن الطاقي، في ظل الأزمة العالمية، ما جعل العديد من الخبراء يتساءلون عن إمكانية توسّط الاتحاد الأوروبي بشأن أزمة أنبوب الغاز الذي يربطه بالجزائر.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية، أواخر أكتوبر الفائت، أن الرئيس عبد المجيد تبون أمر شركة “سونطراك” بعدم تجديد عقد أنبوب الغاز الذي يبلغ طوله 1400 كيلومتر، انطلاقاً من آبار حاسي الرمل في الجزائر تجاه إسبانيا مروراً بالمغرب، لاعتبارات سياسية تتعلق بالأزمة بين البلدين.
وبخلاف ما تُروجه وسائل الإعلام الجزائرية بخصوص استفادة “قصر المرادية” من الأزمة الأوكرانية، أفاد سليمان ناصر، وهو أستاذ الاقتصاد بجامعة ورقلة في الجزائر، بأن “الأمر لا يحتمل السذاجة في التحليل، فالحرب ليست نزهة، واندلاعها يعني أن الجميع خاسر فيها، وستكون أسوأ حرب منذ الحرب العالمية الثانية”.
وتابع الباحث الجامعي، في منشور تفاعلي على مواقع التواصل الاجتماعي: “لا يجب أن نفكر هنا بعقلية مصائب قوم عند قوم فوائد؛ فنحن أيضا سنخسر”، مردفاً: “إذا كانت أسعار النقل العالمية تضاعفت عدة مرات بسبب كوفيد-19، فستتضاعف أكثر بسبب غلق الممرات البحرية التي تصبح غير آمنة بسبب الحرب”.
وزاد الأستاذ ذاته شارحا: “بالإضافة إلى أن موردي الطاقة (البترول والغاز) يدخلان في إنتاج الكثير من السلع والخدمات، ما يعني أن ارتفاع أسعارهما سيزيد من أسعار كل السلع والخدمات في الدول المتقدمة، وبالتالي ستصلنا على شكل تضخم مستورد من خلال السلع المستوردة”.
هذا المعطى استحضره عبد الواحد أولاد ملود أيضاً في قراءته للأزمة الأوكرانية بقوله إن “الأزمة متعددة الأبعاد على كل المستويات؛ الاقتصادية والأمنية والسياسية، إذ تنتج عن الحرب انعكاسات وخيمة على الجميع، تبعاً لأدبيات الدراسات الأمنية، لأن أي تهديد في بلد معين يرخي بثقله على مناطق العالم”.
وأضاف أولاد ملود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لوّحا بالعقوبات الاقتصادية على روسيا، لكن ليس في صالح القطب الأوروبي تطبيقها، لأنه يستورد أزيد من 40 بالمائة من الغاز الروسي، خاصة في ظل أزمة الغاز التي يشهدها بعد توقيف أنبوب الغاز المغاربي”.
وأوضح الباحث السياسي أن “الأزمة قد تراجع ورقة أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي بعد تدخل الاتحاد الأوروبي للضغط على الجزائر من أجل استئناف التصدير، ولو أن الأمر صعب بسبب اصطفاف الجزائر بجانب روسيا؛ لكن عدم رضوخها لمطالب أوروبا سيدخلها في أزمة مع الدول الأوروبية”.
وأبرز المتحدث ذاته أنه “ليس من صالح الجزائر أيضاً أن تظل الأوضاع على ما هي عليه، إذ ينبغي أن تستفيد من الوضع العالمي لزيادة مواردها المالية”، خالصاً إلى أن “التعنت الجزائري سيغير من تعامل الاتحاد الأوروبي مع المنطقة، في ظل الاستمرار الجزائري في نهج سياسة العداء للمغرب”.
نرجو منكم متابعة صفحتنا الجديدة