search-icon
  ezgif-5-30c6c77e2e

موقف حكومة إسبانيا .. انتصار للمغرب وصدمة للبوليساريو وعزلة للجزائر

يبدو أنه بعد تصريحات كبار المسؤولين بالمملكة الإسبانية، سواء تلك التي صرح بها العاهل الإسباني أو التي صرح بها كل من رئيس الحكومة ووزير الخارجية، والتي قوبلت كلها بصمت رسمي من طرف الجهات المسؤولة بالمغرب نظرا لكونها لا تستجيب للشروط التي حددها المغرب، ومن أهمها شفافية الموقف والخروج من المنطقة الرمادية، اقتنع المسؤولون الإسبان بضرورة الاستجابة لشروط المغرب، خاصة بعدما واصل محاصرته الاقتصادية بالمعابر الإسبانية وكذا مقاطعة شركات النقل البحري الإسبانية.

 

 

الموقف الإسباني من المبادرة المغربية خلق ارتباكا واضحا في صفوف قيادات البوليساريو، وهو ما أكدته خرجة مندوب البوليساريو بإسبانيا، المدعو عبد الله عرابي، والتي وصف فيها الموقف الإسباني بالخضوع لابتزاز المغرب، مؤكدا أن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز “استسلم للضغط والابتزاز المغربي”، بعد إعلان تأييده مبادرة الحكم الذاتي للصحراء.

 

 

 

ويبدو أن ما عاشته الجزائر “حاضنة الجبهة الانفصالية” من عزلة بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء سيتضاعف بعد سقوط ورقة إسبانيا من يديها.

 

 

 

صفعة للبوليساريو

 

وقال محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية، إن رسالة رئيس الحكومة التي نقلها بلاغ الديوان الملكي، والتي تتضمن أهم شروط المغرب المتعلقة بتوضيح الموقف الإسباني بشأن مبادرة الحكم الذاتي واعتبارها من أكثر الحلول الواقعية والجدية، تتشابه والموقف الألماني الذي أكد هو أيضا على المقتضى نفسه، الذي رد عليه المغرب باستئناف العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.

 

 

 

وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أنه من المحتمل جدا أن يقوم المغرب بإعادة العلاقات مع الجار الإسباني وإن كان بشكل متدرج، خاصة أنه سبق لعاهل المغرب أن صرح في إحدى خطبه بأن المشكل مع إسبانيا في طريقه إلى الحل، مشيرا إلى أن الإسراع بنشر رسالة رئيس الحكومة الإسبانية على وسائل الإعلام المغربية يعكس هذه الرغبة في إعادة العلاقات الثنائية ومحاولة طي صفحة الخلاف بين البلدين.

 

 

 

كما أوضح أن مسارعة السلطات المغربية بالتعاون لوقف تسللات المهاجرين مؤشر آخر على هذه الرغبة. واستطرد قائلا إن “تأكيد هذا الموقف سيكون بلا شك من خلال بلاغ رسمي من طرف السلطات المغربية، وأيضا من خلال التحضير لانعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين، التي تم تأجيلها عدة مرات”.

 

وأكد المتحدث ذاته أن الموقف الإسباني الجديد سيزيد من تخوفات السلطات الجزائرية ومسؤولي البوليساريو، حيث سيزيد ذلك في عزلتهما الدبلوماسية

وسيقوي موقف المغرب، خاصة بعدما أكده الكونغرس من خلال التصويت على الميزانية التي تتضمن المساعدات المالية للمغرب، وهو ما يبدو أنه دفع برئيس الحكومة الإسبانية إلى إرسال هذه الرسالة والحسم في الموقف الإسباني ضدا في موقف الجزائر الذي أصبح متجاوزا، ومهددا للمصالح الإسبانية مع المغرب، الذي اعتبرته الرسالة صديقا وحليفا تجمعه مع إسبانيا مصالح مشتركة، يضيف شقير.

 

مؤشرات إيجابية

 

من جانبه قال محمد بودن، الباحث في العلوم السياسية ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن رسالة رئيس الحكومة الإسبانية إلى الملك محمد السادس تمثل مؤشرا دالا على دخول العلاقات بين البلدين مرحلة إيجابية وهادفة، يمكنها أن تشكل نقطة تحول استراتيجية في إطار دينامية مكثفة بالعوامل المشجعة.

 

وأضاف أن تعبير إسبانيا بوضوح عن قناعتها بخصوص قيمة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية سنة 2007 كحل منطقي ومرجعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ومركزية الوحدة الترابية للبلدين يمثل التزاما جديدا لإسبانيا مع المغرب كشريك استراتيجي أساسي في شمال إفريقيا.

 

وأكد الباحث ذاته أن ما جرى اليوم هو إعادة ضبط للعلاقات بين البلدين على أسس دقيقة كما حددها الملك محمد السادس في خطاب 20 غشت 2021، والتي تتجلى في الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات، مبرزا أن المفاوضات بين البلدين رسخت لدى إسبانيا خلاصة واضحة بشأن الإيمان العميق للمملكة المغربية بأن حقوقها السيادية مسألة محسومة، بالإضافة إلى أن وحدتها الترابية لا ينبغي أن يعتبرها أي بلد عقبة للتعاون معه.

 

وتابع قائلا إن الموقف الإسباني هو إدراك صريح لمكانة المملكة المغربية في الفضاء الإقليمي وما تمثله قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغاربة ومدى الترابط الوثيق بين مصالح البلدين جيو- استراتيجيا واقتصاديا وأمنيا.

 

كما شدد بودن على إسبانيا لم يعد بإمكانها أن تتجاهل فرص المستقبل المشترك بين البلدين بحكم طبيعة العلاقات الثنائية المغربية – الإسبانية كواحدة من أهم العلاقات بين بلد أوروبي وبلد إفريقي لما تتمتع به من زخم، وتاريخ حافل، وسعة نطاق، ومستقبل واعد، وثقل لدى البلدين في الفضاء الأورو متوسطي، مشيرا إلى أن هذا المستجد في العلاقات بين البلدين سيرفع التوقعات بخصوص جدول الأعمال المشترك بعد استئناف تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين. وأضاف أن “العلاقات بين المملكتين المغربية والإسبانية يمكن أن تمثل نموذجا لعلاقات المدى الطويل بين بلدين وازنين، وهذا أساس متين لجعلها محصنة أكثر لأن القضايا ذات الأهمية بين البلدين عديدة”.

 

وأوضح الباحث ذاته أن الموقف الإسباني بخصوص مبادرة الحكم الذاتي يأتي في ظل الدينامية الدولية التي تؤكد مصداقية ووجاهة المبادرة المغربية في ظل الاتجاه الدولي المتزايد لدعم سيادة المغرب على صحرائه بالطرق الدبلوماسية والعملية والاقتصادية.

نرجو منكم متابعة صفحتنا الجديدة