تستمر “إجبارية التلقيح” ضد “كوفيد19″، غير المعلنة بتشريع واضح، في خلق الارتباك داخل المرافق العمومية، وتأجيج الصراعات بين الأجراء والمشغلين، كما يستنكر بعض المواطنين لجوء بعض أعوان السلطة المحلية إلى اقتيادهم إلى المراكز المخصصة لعملية التلقيح؛ وهو الوضع الذي تحذر من تفجيره هيئات مدنية وحقوقية.
أزيد من 500 شكاية بسبب إجبارية التلقيح وضعت قبل مدة على طاولة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حسب ما أكده رئيس الجمعية عزيز غالي، في تصريح لهسبريس. وتتوزع بين تظلمات ممنوعين من دخول مقرات العمل، وممنوعين من الدقيق المدعم، وآخرين من دخول الأسواق، وغيرها من “العقوبات” المفروضة دون نص قانوني واضح.
وضعٌ قال غالي إن الحكومة تعالجه بازدواجية الخطاب، متسائلا: “كيف تتحدث عن بادية متضررة جراء الجفاف ويتوجب دعمها، وفي الوقت نفسه تحرم عددا من المواطنين من حقهم في ولوج السوق كمورد وحيد لرزقهم؛ إذ تعرض مواطنون للمنع من بيع منتجاتهم في الأسواق، فيما سجل عدم السماح لآخرين بالولوج من أجل الاقتناء، دون استحضار أن المورد الوحيد لرزق المواطن هو ذلك السوق؟”.
ومن جهة أخرى، أضاف الفاعل الحقوقي أن الجمعية وقفت على شهادات مواطنين بزاكورة تم منعهم من حصتهم من الدقيق المدعم إلا بعد تلقيهم الجرعة الثالثة، بالإضافة إلى مطالبتهم بالإدلاء بما يثبت تلقيح أفراد العائلة بأكملها.
أما بخصوص الحديث عن المطرودين من وظائفهم للأسباب ذاتها، فقد أشار غالي إلى أنه ليس هناك إلى حد الآن حالات مثبتة بوثائق رسمية تفيد طردهم؛ إلا أنه تم تسجيل حالات لممنوعين من الدخول إلى مقرات عملهم، كما حدث بمراكش حيث تم منع 6 محامين من الدخول إلى المحاكم.
وفي هذا الإطار، استنكر رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ما وصفه بالكيل بمكيالين، والتعامل بصرامة غير مقبولة في قطاعات دون أخرى، إذ إن وزارة التربية الوطنية لم تتفاعل مع بيانات النقابات الرافضة للتلقيح، كما لم تصدر عنها أي مذكرة رسمية بهذا الخصوص؛ لأنها تعي بأن منع الأساتذة من ولوج مقرات عملهم يعني وضع مئات التلاميذ في الشارع.
وسجل المتحدث باستغراب تجنب الحكومة إصدار قرار الإجبارية ضمن وثيقة رسمية تحدد معالم القرار بدقة، مبرزا أنها لا ترغب في تحمل مسؤولية المتضررين من الأعراض الجانبية الخطيرة.
وأضاف غالي أنه في حالة اللجوء إلى التقاضي أمام المحاكم في ظل هذه المعطيات فلن تكون الأحكام في الغالب في صالح المواطنين، بسبب عدم وجود قرار رسمي.
وسبق أن طالبت الهيئة الحقوقية ذاتها الأمانة العامة للحكومة بمدها بوثيقة تؤطر قرارات الإجبارية التي تعرفها المرافق العمومية وبعض المؤسسات الخاصة، إلا أنها لم تتوصل بالرد. لذلك، يخشى الحقوقيون الوقوع في وضع مشابه لبعض البلدان؛ مثل كندا، حيث أصدرت إحدى المحاكم حكما في قضية رفعها مواطن بعد تعرضه لآثار جانبية بسبب اللقاح. ويفيد نص الحكم بأن المواطن المتضرر اختار التلقيح ولم يفرض عليه، وله علم بأن اللقاح في مرحلة تجريب.