search-icon
 

مخزون القمح بالمغرب يكفي لشهرين فقط

قال رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب، عبد القادر العلوي، إن “مخزون القمح اللين يسجل تراجعا مستمرا في ظل عدم وضوح الرؤية حول كيفية تدخل الحكومة لدعم المستوردين”.

وأبرز العلوي في تصريح للأولى، أن المخزون الحالي يقل عن 3 أشهر وقد يصل إلى شهرين في حال استمر الوضع على حاله، موضحا أن مخزون القمح اللين الذي تتوفر عليه المطاحن لم يعد احتياطيا، بل أصبح آنيا؛ إذ تعتمد عليه المطاحن في إنتاج الخبز وذلك في ظل تقلبات الأسواق العالمية.

 

وسبق أن أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات محمد صديقي تخصيص اعتمادات مالية أخرى لاستيراد القمح اللين، لضمان التزويد العادي للسوق إلى حدود شهر دجنبر 2023، إلا أن أرباب المطاحن يتساءلون عن شكل هذه الاعتمادات وإن كانت الحكومة ستسدد الفرق بين ثمن الاستيراد والثمن المدعم المحدد في 270 درهما للقنطار.

 

وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب أن المستوردين، الذين يشكل أرباب المطاحن 80 في المائة منهم، باتوا عاجزين عن الاستيراد دون اتضاح الرؤية، مشيرا إلى أن تحديد الثمن المرجعي لبيع القمح اللين في 300 درهما زاد من حدة المشكل.

 

ولم تغير وزارة الفلاحة والصيد والبحرى والتنمية القروية والمياه والغابات السعر المرجعي للقمح اللين، حيث حافظت عليه في المستوى الذي حددته في العام الماضي، بحيث أشارت في مذكرة سابقة إلى أن السعر المرجعي المستهدف لشراء القمح اللين، حدد في 300 درهما للقنطار الواحد.

 

ويدمج السعر الذي يعتمد عند بيع الفلاحين هذا الصنف من القمح للمطاحن جميع التكاليف والرسوم والهوامش المرتبطة بالشراء من المنتجين والتسليم للمطاحن الصناعية.

 

ويتساءل العلوي عن ثمن وصول هذا القمح إلى المطاحن، علما أنه لا يجب أن يتعدى 270 درهما وهو الثمن الذي تحدده الدولة، مسجلا، في الوقت ذاته، تراجعا في جودة الوزن النوعي للقمح هذه السنة والذي يجب ألا يقل عن 76 كلغ / هيكتولتر، بحيث أكد العلوي أن الوزن النوعي هذه السنة يتراوح بين 73 و74 كلغ / هيكتولتر ما يستدعي خلطه مع حبوب أخرى ذات وزن نوعي مرتفع جدا في حال أرادوا شراءه.

 

ويلجأ المصنعون عادة إلى مزج عدة أنواع من القمح ذات خصائص مختلفة للحفاظ على جودة المنتوج المطلوبة أو تحسينها من جهة وتخفيض تكاليف الإنتاج من جهة أخرى.

 

ويأخذ الفاعلون من تجار ومصنعين عموما بعين الاعتبار معايير الجودة المتعلقة بالرطوبة وتحتسب بالنسبة المئوية للماء الموجود داخل الحبوب وهي ترتبط مباشرة بقابليتها للتخزين، وتتراوح عادة بين 11 و14 بالمائة.

 

كما يهتمون بمعيار الوزن المعياري (PS)، معادل لكثافة الحبوب (الكيلوغرام للهكتولتر) ويرتبط بنسبة استخراج الدقيق من القمح حيث يتراوح عموما بين 75 و81 كلغ/هل، فضلا عن نسبة الشوائب ونسبة البروتين وجودتها.

 

وأبرز العلوي أن كل هذه العوامل أدت إلى عزوف المستوردين عن استيراد القمح اللين، قبل توضيح الرؤية من طرف الحكومة، موضحا أن الدعم الذي يطالب به أرباب المطاحن لن يكون للمطحنة أو المستورد بل هو دعم موجه للمستهلك بالأساس، ويتماشى مع نفس التوجه الذي كان متبعا من قبل والذي مكن من تحقيق مخزون يصل إلى 6 أشهر في الفترة ذاتها من السنة الماضية.

 

وسبق أن أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن الدعم الحكومي الموجه لهذه المادة الحيوية لتصل إلى المطاحن بسعر 270 درهما للقنطار سجل ارتفاعا كبيرا، مبرزا أنه ارتفع إلى حوالي 200 درهما للقنطار بعدما كان في حدود 71 درهما، وجدد تأكيده، في ندوة صحافية أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، بأن الحكومة ستستمر في دعم هذه المادة الأساسية في النظام الغذائي الوطني لتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين.

ويقترح أرباب المطاحن تدخل الحكومة لتغطية الفرق في حال فاق ثمن القمح اللين 270 درهما للقنطار، مؤكدين استعدادهم لإرجاع هذا الفرق في حال تسجيل ثمن أقل من المذكور.

وأكد مولاي عبد القادر العلوي أنه في ظل تراجع المخزون، وعدم استيراد القمح خلال شهر يونيو المقبل مع عدم وضوح الرؤية حول شهر يوليوز سيتم استنزاف المخزون الحالي، ما من شأنه المس بأساس السلم الاجتماعي للبلاد والذي يعتمد على توفير الخبز للمواطنين.

وأوضح أن الاعتماد على التخمينات التي تفيد بأن الأسعار في الأسواق العالمية ستتراجع ليس سليما، خصوصا أن موسم الحصاد لم يبدأ بعد في الأسواق الأوروبية، لافتا إلى أن المستوردين لا يعرفون إن كان الثمن سيرتفع أو سينخفض والمتغيرات التي ستقع.

وشدد على أن المستوردين لا يمكنهم المغامرة بشراء القمح اللين بثمن يمكن أن يصل إلى 320 درهما، بدون أي رؤية واضحة من طرف الحكومة ودون التمكن من رفع ثمن البيع.

وسبق أن أكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن أسعار القمح اللين تراجعت بـ17 في المائة لتنخفض إلى 266 دولار للطن.

وتتوقع الحكومة أن يتواصل هذا التراجع، ما سيتيح هوامش مالية مهمة على مستوى نفقات المقاصة، التي تراهن الحكومة على التقليل منها، خاصة على مستوى دعم غاز البوتان، إلى جانب عدم تحمل أي نفقات إضافية تتعلق باستيراد القمح، خاصة بعد التوقيع على اتفاقية الشراكة المتعلقة بدعم تخزين القمح اللين، من خلال صرف منحة تخزين قدرها 2,5 درهما للقنطار، على استيراد ما يقارب 25 مليون قنطار من القمح اللين عندما ينخفض سعر هذا المنتوج عند الاستيراد إلى أقل من 270 درهم للقنطار.

ويشار إلى أن الحكومة خصصت 9,3 مليار درهم في سنة 2022، من خلال صندوق المقاصة، لدعم الحبوب، بحيث هم هذا الدعم القمح والدقيق من أجل تمكين كافة الأسر من اقتناء الدقيق بثمن مناسب.

وكانت واردات المغرب من القمح خلال سنة 2022 تضاعفت، بعدما تراجع محصول الحبوب إلى 34 مليون قنطار في الموسم الماضي، مقابل 103 ملايين قنطار في الموسم الذي قبله، وقفزت هذه الواردات من 46,6 مليون قنطار خلال سنة 2021 إلى 60 مليون قنطار في 2022، وذلك في وقت تشهد فيه أسعار القمح ارتفاعا بـ40,8 في المائة.

وتتوقع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن يصل إنتاج الموسم الفلاحي الحالي من الحبوب إلى 55,1 مليون قنطار، وهو ما يعتبر زيادة بنسبة 62 في المائة مقارنة بمحصول العام الماضي، الذي لم يتعد 34 مليون قنطار.