رحل “ريان” وترك “رسالة” حزينة.. بين “الشاون” و “شفشاون” تنقشع غيوم الحقيقة الصادمة

عبدالاله بوسحابة

قبل أن أتوجه إلى منطقة “إغران” ضواحي شفشاون، أين توفي الطفل “ريان” إثر سقوطه في البئر، في الحادث الذي اهتزت له مشاعر العالم، لم أكن أتخيل تماما أن تكون هذه المنطقة الجبلية الشاسعة بتلك الصورة المأساوية التي عاينتها بأم عيني، حيث تنعدم أبسط شروط الحياة العادية، وكنت أعتقد كعدد كبير من المغاربة أن هذه المنطقة هي امتداد للصورة الوردية التي ترسخت في أذهاننا عن مدينة “الشاون” الجملية، بيد أن ما اصطدمت به، واقع آخر مغاير تماما، توقفت فيه عقارب الساعة ربما منذ زمن بعيد، وكأن حادث وفاة “ريان” بتلك الطريقة المأساوية، كان بمثابة “صرخة” قوية في آذان الجميع من أجل الالتفات إلى معاناة الآلاف من الأسر التي تقبع في ذيل التنمية بالمغرب.

 

مات “ريان” ورحل إلى جوار ربه، وكان الله في عون والديه المكلومين، لكن هذا الحادث لا يمكن أن يمر مرور الكرام، بل أضحى من الواجب جدا على الحكومة أن تفكر مليا في استراتيجية جديدة وفعالة من أجل النهوض بهذه المناطق “المهمشة” من وطننا الحبيب، بعيدا كل البعد عن أساليب “البريكولاج” أو حتى سياسة “ذر الرماد في العيون” من أجل امتصاص غضب المكلومين، في انتظار سقوط ضحايا آخرين لا قدر الله، وإن شاءت الأقدار أن يرحل “ريان” إلى جواب ربه، فإن الواجب يقتضي أن يقطع دابر كل الأسباب التي كانت وراء هذا الحادث المؤلم، عبر تفعيل برامج استعجالية تروم النهوض بأوضاع هذه المناطق الهامشية، التي ترزح تحت رحمة الفقر و البطالة وندرة فرص الشغل وغياب المستشفيات ودور الرعاية ودور الشباب.. فضلا عن ضعف المسالك الطرقية وتهالكها.. أو لنقل، غياب أبسط شروط العيش العادي (وليس الكريم)، بل أقل مما تحظى به أفقر جماعات المحور من اهتمام ورعاية.. كلها أسباب ينبغي الانكباب عليها بجد وفعالية، عبر برامج تشرف عليها الحكومة، وغير ذلك، ستبقى دار لقمان على حالها، وسنستيقط في كل مرة لا قدر الله على هول اخبار مفجعة أحرى، من قبيل الحادث المأساوي الذي ذهب ضحيته الطفل “ريان”.