سكينة الصادقي
الحب مفهوم مكون من كلمة، لكن وقعه على الإنسان وعلى المجتمعات كبير، ويمتد تأثيره إلى العلاقات بين الأفراد وداخل الأسرة كنواة أساسية داخل كل مجتمع.
وقد لاحظ الجميع بالمغرب كيف تحولت مؤخرا كلمات لها علاقة بالحب على أغلفة “بسكويت” إلى نقاشات دينية وفلسفية على مواقع التواصل الاجتماعي.
فكيف يمكن تقييم علاقة المغاربة بالحب؟ وكيف يفسر الباحثون قصر عمر العلاقات العاطفية والزوجية كظاهرة بتنا نلاحظها بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة؟
التعبير عن الحب عجز
الحب حسب الأخصائي النفساني والأستاذ بجامعة القاضي عياض، كريم حميد، ما هو إلا عامل يخدم استمرارية النوع البشري كباقي الأنواع، غير أن تميز الإنسان بالعامل الثقافي يجعله يعبر عنه بالكثير من الأشكال.
وأضاف الأخصائي النفساني “فيما يخص المجتمع المغربي، فالمغاربة يتعاملون مع الحب بمسافات مختلفة حسب موضوع هذا الحب، فإن كان هذا الموضوع هو الأم تتلاشى كل أشكال العوائق ويستطيع الفرد أن يعبر عن حبه لأمه بشكل علني وبدون حرج. لكن إن كان موضوع الحب هو الشريك، تصبح القدرة على التعبير محاطة بكل أشكال الحرج، خصوصا عند الذكور”.
ويشير المتحدث إلى أن ذلك “راجع إلى نوع الثقافة التي تغلف التمثلاث الخاصة بالحب. فهذا الأخير في نظر الثقافة المغربية، خصوصا التي تأثرث بشكل كبير بالثقافة العربية، هو نقطة عجز وأمر غير مقبول، ولا يجوز للشركاء التعبير عنه إلا في مساحات ضيقة وبشروط معينة”.
كما أوضح الباحث ذاته أن “الموضوع يختلف أيضا من منطقة إلى أخرى داخل المجتمع الواحد، فعلى سبيل المثال قد يلاحظ الملاحظ أن سكان الأطلس المتوسط يتميزون بقدرة تفوق المناطق الأخرى في التعبير عن الحب، سواء في المناسبات التجمعية، وحتى عبر أشكال الفن السائدة هناك، الأمر الذي يستحق دراسة دقيقة”.
علاقات قصيرة
فيما يخص عمر العلاقات العاطفية واعتبارها “قصيرة الأمد” خلال السنوات الأخيرة، يؤكد الأخصائي النفساني أن الأمر مرتبط بشكل كبير بطبيعة التحولات المجتمعية، التي طرأت في العقد الأخير نتيجة التطورات التكنولوجية وظهور العالم الافتراضي، مشيرا إلى أن الناس انتقلوا من العيش في غالب الوقت بشكل جماعي وتفاعلي يسمح لتنمية الرغبة في الارتباط لمدد طويلة إلى عالم افتراضي يعيش فيه الفرد بمفرده خلال الزمن اليومي.
وأضاف حميد كريم إن “الشعور بالمتعة ارتبط بالعيش بشكل افتراضي أكثر من العيش وسط الجماعة، الذي يدفع الناس إلى اختبار الأحاسيس الواقعية، التي ترتبط دوما بواقع صعب وقاس عكس الواقع الافتراضي، الذي يختار فيه الفرد ما يشعره بالسعادة. ومن خلال هذا كله يمكن استنتاج أن غياب المتعة المستمرة قد تكون من الأسباب الرئيسية لقصر مدد الارتباطات العاطفية”.
نرجو منكم متابعة صفحتنا الجديدة