المغرب يُـجْـبِـِر إسبانيا على إنهاء التهريب المعيشي بين سبتة ومليلية

يبدو أن طي صفحة الخلاف بين المغرب وإسبانيا تم بشروط مغربية أكثر منها إسبانية، وهو ما يظهر فيما يتعلق بإعادة فتح معابر سبتة و مليلية، والتي ستتم ابتداء من أول ساعة من صباح يوم الثلاثاء 17 ماي الجاري.

فتح المعابر بشروط مغربية

 

ومن خلال التفاصيل التي نشرتها “آشكاين“، حول إعادة فتح معابر سبتة ومليلية المحتلتين،  يظهر جليا أن إسبانيا قدمت عددا من التنازلات من أجل عدم الإضرار المغرب، ولإكمال هدف رابح –رابح من وراء استئناف العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

وفي هذا السياق، أجبر المغرب إسبانيا على القبول بشروطه الجديدة لإعادة فتح المعابر، من خلال عدم السماح بالتهريب المعيشي الذي كان يُكبِّـد المغرب غاليا، والذي كانت تجني منه إسبانيا أموالا طائلة على حساب الإقتصاد المغربي.

 

المغرب ينهي التهريب المعيشي

 

بلاغ الداخلية الإسبانية، الذي نشرته “آشكاين”، تضمن  أنه “اعتبارًا من الثلاثاء، 31 ماي الجاري، سيتمكن العمال عبر الحدود المعترف بهم قانونيًا أيضًا من دخول الأراضي الإسبانية، كما أنه ضمن هذه العملية التدريجية، ستحدد مجموعات العمل الإسبانية المغربية الفئات التالية من الأشخاص والبضائع التي ستتمكن من الوصول إلى سبتة ومليلية عبر الحدود مع المغرب”.

 

وهو ما يعني أن مرور جميع البضائع، سواء من المغرب نحو إسبانيا أو العكس، لن يتم دون موافقة المغرب، عبر مخرجات اللجنة المشتركة بين البلدين والتي ستسهر على إعادة الفتح التدريجي للحدود وفق المتفق عليه.

 

المغرب يخسر مليار سنتيم يوميا

 

وللحديث عن الخسائر التي كان يحدثها التهريب المعيشي على الإقتصاد المغربي، أوضح المحلل والخبير الإقتصادي، عمر الكتاني، في تصريح سابق لـ”آشكاين”، أن “المغرب كان يخسر مليار سنتيم في اليوم بسبب فتح المعابر”، متسائلا إن كان “من المنطق أن هذه المعابر تمس بشكل مباشر بالسيادة المغربية ويساهم المغرب في المحافظة عليها؟”.

 

مشيرا إلى أنه “من المفارقات أن المغرب هو الذي يدعم وجودها، لأنها منطقة حرة لمصلحة إسبانيا في قلب الأراضي المغربية، والمعلوم أن المناطق الحرة تكون في قلب البلد الذي له السيادة عليها، ونحن ليست لدينا سيادة عليها، فهل يعقل أن نكون نحن من نحافظ عليها؟”.

 

ورقة ضغط لم تستخدم بعد

 

وقال الكتاني إن “المغرب لم يستعمل بعدُ ورقة ضغط أخرى، وهي أن الماء الذي يستهلك في سبتة ومليلية يأتي من المغرب وهو الذي يزودهم به، ولحد الآن مازال المغرب يتصرف تصرفا دبلوماسيا و بحس جوار، إلى حين التفاوض مع إسبانيا لتسليم هذه الأراضي المحتلة”.

“فمن الناحية المنطقية، يضيف الكتاني،”فالمغرب هو الذي حافظ على حياة تلك المناطق، على أساس أن جزءاً من سكانها أصلهم مغاربة و مستوطنون منذ أجيال في سبتة و مليلية، وكان الحديث عن إخضاع تلك المناطق إلى ضغوط اقتصادية، وأن 3 آلاف أو 4 آلاف من الذين يعيشون على التهريب يمكن أن نفتح لهم أسواقا لأنهم استأنسوا بالتجارة بالسلع القادمة من الخارج”.

المغرب سيربح ألف مليار من إغلاق المعابر

وأكد الكتاني أن “المغرب يستطيع أن يستوعب هذا العدد من الناس الذي يعيشون على هذه التجارة، فقد استوعب عشرات الآلاف من المغاربة الذين طردتهم الجزائر، و وزعهم على مناطق متفرقة في المغرب وشّغلهم، حتى وإن كانت ظروفهم غير مثالية، نظرا لفقدانهم أملاكهم، ولكن المغرب لديه الطاقة لاستيعاب الآثار السلبية لإغلاق المعبر في آن واحد و يربح من الناحية الإقتصادية”.

واسترسل محدثنا أن “الربح ليس فقط نسبة المعاملات، أي أنه ليس فقط مليار سنتيم الذي يخسره المغرب في اليوم، بل الربح الحقيقي هو الآثار المضاعفة

الخبير الاقتصادي عمر الكتاني

لذاك المليار سنتيم، أي أن 365 مليار خلال أيام السنة التي ستدخل المغرب، وآثارها من الناحية الإقتصادية مضاعفة ثلاث مرات، لأنها ستشغل الناس و ستنشط الإقتصاد وسيكون لديها أبعاد من ناحية مداخيل الضريبة على الإستهلاك بالنسبة للذين سيحصلون على الأجور وسيربحونها”.

مبرزا أن “مضاعف هذه الأرباح التي سيحققها المغرب من إغلاق المعبر، حوالي ألف مليار سنتيم، وهي النتائج الحقيقية لإغلاق معبري سبتة ومليلية، ولهذا يجب أن نعلم أنه عندما يخسر المغرب مليار سنتيم في اقتصاد الريع،  فهو في الحقيقة لم يخسر مليار سنتيم وإنما خسر 3 مليار”؛ مؤكدا على أن “هذا الإغلاق في صالح المغرب بمضاعفه”.

“بالتالي فالقراءة يجب أن تكون قراءة إيجابية وسلبية في نفس الوقت، فعندما يتم تهريب مليار سنتيم بسبب اقتصاد الريع في أي قطاع كيفما كان، فنحن حينها نخسر 3 مليارات، لأن المضاعف يلعب إيجابيا وسلبيا”. يضيف عمر الكتاني.

فتح المعابر الثلاثاء المقبل

وكانت وزارة الداخلية الإسبانية قد كشفت، في بلاغ رسمي نشرت “آشكاين” محتواه سابقا، أن “الحكومة الإسبانية ستعيد فتح الحدود البرية لسبتة و مليلية مع المغرب الساعة 00:00 من يوم الثلاثاء المقبل 17 ماي الجاري، أي منتصف الليل بين الإثنين والثلاثاء من الأسبوع المقبل.

وحسب البلاغ المذكور، فسيوقع وزير الداخلية، فرناندو غراندي مارلاسكا، هذا الأسبوع على الأمر الحدودي الوزاري الذي سيعدل الأمر الذي أبقى هذه الخطوات معلقة منذ مارس 2020.

وأوضح المصدر نفسه، ان “إعادة الإفتتاح هي نتيجة العمل الثنائي الذي تم تنفيذه مع السلطات المغربية في إطار خارطة الطريق المتفق عليها بعد الاجتماع بين رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، وملك المغرب، محمد السادس، والتي جعلت من الممكن – إرساء الآليات التي ستحكم إعادة فتح المعابر الحدودية بين البلدين بشكل تدريجي ومنظم وبكافة الضمانات الأمنية والصحية”.